بالنسبة لي فإن هذه الإنتخابات القادمة بصفة عامة لن تغير المعادلة بشيء يذكر.
تعود المواطنون على اختيار مرشحيهم على أسس بعيدة عن كونهم قادرين على تلبية مصالحهم وأصبح نجاحهم أو فشلهم هو الآخر لا علاقة له بكفاءاتهم لأنها لم تكن أصلا معيارا لاختيارهم من طرف المواطن.
إن نجاح مرشح ما في هذه الظرفية لا يعطي أية دلالة على كونه هو الأمثل رغم أن هناك من سيفرح ويمرح لنجاحه و من سيكتئب و يحزن في الطرف المنافس له.
هذا كله لا يعني بأننا لا حظ لنا في أن نجد "le prince charmant" الذي قد ينقذنا لكننا لم نتخذ له مسلكا.
إن تكلفة هذه الإتستحقاقات التي تزيد الأزمة عمقا في بلد فقير يسوده الجهل والغبن باهظة جدا. فتكلفة المنتخب الواحد في الدوائر تتجاوز مليار أوقية إذا أخذنا بعين الإعتبار مصاريف المتنافسين وما ستنفقه الدولة مما جعل الكلفة الإجمالية هي الأخري تتجاوز مئة مليار أوقية وهذا الأمر سنعيشه بعد سنتين فى الإنتخابات الرئاسية القادمة وسيتكرر من جديد بعد كل سنتين أو ثلاث سنوات .
كان من الأحسن بنا أن نقف وقفة جادة لتقييم هذا المشهد الفلكلوري المكلف المسمى بالديمقراطية التي لم تساهم على مدى عشرات السنين في تطوير وتنمية بلادنا ولعل استغلال هذه الأموال الضخمة التي تصرف فيها قد يغنينا عن المساعدات الأجنبية إن تم إنفاقها حقا في التعليم و الصحة والبنية التحتية.
أليس من الأجدر بنا أن نطالب بانخراط الأحزاب السياسية والمثقفين والفاعلين السياسيين والسلطة في بناء أسس تمكن المواطن من المشاركة الجادة في الديمقراطية الحقيقية بعيدا عن إنتاج أرقام قد تعطي الشرعية لنظام يسوده الوهم بأننا كنا ولا زلنا وسنبقى المثل الأعلى في الشفافية والنمو وحسن التسيير والعدالة والمساوات…
إن النجاح الذي حققته سنغافورة معجزة حقا. فهو البلد الفقير الذي لا يملك أي شيء رغم ذلك استطاع رئيس وزرائه "لي كوان يو" القفز به إلى مستوى الدول المتقدمة. وقد تم ذلك عن طريق الإستثمار من خلال المدخرات المنزلية القسرية وهي تحتل اليوم المركز الثالث في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي للفرد.
الأمثلة في هذا المجال كثيرة ولا مجال لسردها.
نحن اليوم أمام تحدي كبير خاصة إذا أخذنا بعين الإعتبار المشاكل الأمنية في المنطقة وارتفاع أسعار المواد الغذائية والهجرة الغير شرعية لأبنائنا وانعكاسات تراكمات الحكامة السيئة التي خلفتها الأنظمة السابقة على نمو بلادنا.
قال الرئيس الإمريكي السابق براك أوباما بأن إفريقيا بحاجة إلى رجال عظماء أكثر مما هي بحاجة إلى رجال أقوياء.
ومن هذا المنظور فإننا نتطلع إلى اختيارات سياسية شجاعة قد تحدث قفزة نوعية في مسار ديمقراطيتنا الناشئة توصلنا بها إلى برِّ الأمان.