من حين لآخر تزداد وتتسع دائرة التحديات الأمنية في محيطنا الاقليمى، مع ما هو ملاحظ من تأزم للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على المستوى العالمى ، بفعل الحروب و انتشار الأوبئة وصراع الكبار والتغيرات المناخية ، وما يصاحب ذلك من تأثيرات لاحقة لها ارتدادات كثيرة على دول من طينتنا .
فهناك دول أصبحت فاشلة ، بفعل ما شهدته من فوضى ومن اضطرابات أمنىة ، من بينها دول فى المنطقة كانت مؤثرة، وعتيدة وقوية ، بالرغم من أنها تمتلك من الوسائل والإمكانات ما يجعلها قادرة على رفع التحديات التى وقعت ضحيتها ، لكنها فشلت فى ذلك أوتم إفشالها بفعل أسباب كثيرة معلومة وغير معلومة. .
لقد أصبح لزاما علينا أن نستشرف المستقبل ، انطلاقا من استيعاب متطلبات الحاضر، وأن نستخدم كل الأدوات لبلوغ ذلك .
فلم نعد فى زمن التعاطى التقليدى مع الشأن العام بسبب مستجدات ومعطيات كثيرة ، تهيأت لها الأرضية ودعمتها ثورة الاتصال الرقمى التى أنتجت أدوات التأثير الإعلامي الهائلة التى تستقطب الآلاف من المتابعين لتتم صياغتهم وفق مضمون ورسائل المحتوى المقدم لأجل الاستقطاب و التأثير.
لقد أصبح لزاما علينا أن نقر أ وبشكل جيد تفاعلات الواقع بمختلف تجلياته ،وما يترتب عن ذلك من متغيرات قد تتهيأ لها الظروف لسبب من الأسباب للتعبير عنها بأساليب مختلفة ، من خلال استغلال الاحتجاجات ومختلف مظاهر التجييش الذى يفضى الى خلق زخم من التراكم قد ينفجر بفعل مستجد غير تقليدى .
السبيل الوحيد للوقوف أمام كلِّ ذلك هو حضور الهمة الدافعة نحو الأفضل والقادرة على امتصاص ردات الفعل والواعية بأهمية الخطوات الإستباقية المدروسة والقائمة على منطق الحكمة والتعقل والكياسة .
لقد تحولت دول فى محيطنا الاقليمى إلى دول فاشلة بعد أن كانت لها الحظوة والمكانة المعتبرة، وكانت تعيش وضعا أمنيا واقتصاديا واجتماعيا مريحا إلى دول فاشلة، تحكمها العصابات والمليشيات ومجاميع من القوى المتطرفة والمافيوية مما فتح الباب للقوى الأجنبية لنهب ثرواتها وانتشار الفساد الفاحش في مفاصلها، وتجذير المؤامرات داخلها ، وأصبح الحسم و الكلمة الفصل لمن يمتلك قوة السلاح على الأرض .
لم يعد للدولة كناظم مركزي دورولا حضور ، و جرى كل ذلك تحت شعار الثورة والتغيير والحرية .. ومحاربة الفقر والظلم وتكريس العدالة وغيرها من الشعارات التى كانت مجردغطاء لتمرير المؤامرات.
إن حالة الهرج والمرج التي يعيشها العالم من حولنا أسبابها متعددة ومتباينة، منها السياسى والاقتصادى والاجتماعى، ومنها ما هو أخطر كالاختلالات الأمنية وهي القشة التى غالبا ما قصمت ظهر البعير .
إننا جميعا وبدون استثناء ، مطالبون بالمساهمة الجماعية في رفع التحديات عن بلادنا ، ومطالبون أكثر من ذلك فى السعي إلى بناء إجماع وطني من ِشأنه أن يساهم في تعزيز لحمتنا الوطنية ، ويقوى من أركان دولتنا ذات الأبعاد الإستراتيجية المتعددة ،ويؤمننا من تأثير التوترات والتحديات الأمنية التى تهز العالم من حولنا ، ومن الأطماع الدولية غير المعلنة ولا المحدودة و التى سهل لها عصر الفوضى الرقمى تمرير مخططاتها التى تتبلور أكثر من أي وقت مضى فى استعلال مظاهر التفاوت والتنوع والعين على الثروة لاعلى حقوق الشعب .
إنه لم يعد هناك مسوغ لمنطق التمادي والتبرير والإستغفال والتحامل المتفشى فى طبقتنا السياسية بل أصبح لزاما على الجميع أن يتجاوز الحملات البينية وأن يبذل جهودا أستثنائية للدخول في مرحلة جديدة تفرزها الاستجقاقات القادمة ، تعيد للممارسة السياسية صدقيتها وألقها وجاذبيتها لأن البديل عن ذلك هواستمرار الفراغ السياسى ، والفراغ هو أخطر البدائل التى تخلق الأرضية لكلِّ مامن شأنه أن يهدد الأمن والأستقرار لأي بلد من البلدان .
إن كثافة وتنوع وسرعة التحولات التي تقع هنا وهناك ، تستدعى من الجميع يقظة وتفاعلا إيجابيا ومواكبة دائمة من جهات متعددة تبدأ بهرم السلطة مرورا بكل المستويات والمكونات الأخرى المشكلة للمشهد فى الدولة، سياسيا ، وفكريا، واجتماعيا ، وثقافيا ،واقتصاديا، وأمنيا، لأجل وضع قواعد صلبة للعمل الوطنى المشترك والابتعاد عن كل ما من شأنه إثارة الصراع والعنف ونشر خطاب الكراهية المتنامى، و التوجه نحوتحقيق غايات عاجلة في مقدمتها تكريس العدالة من خلال إخضاع كل مواطني الدولة للقانون وتطبيق معايير الحكم الرشيد والكفاءة فى المهمات الوظيفية والمساءلة الموضوعية وزرع الثقة المتبادلة بين تشكيلات قوى المجتمع .
إننا أصبحنا فى عالم يدار بمنطق الجماعة والشراكة ،و الحضور ويقاس الـتأثير فيه بمنطق القدرة على الاختراق والتفاعل والاستقطاب الإيجابي ، وتقدير المواقف بناء على خلاصات تفكيرية من المختصين تساهم فى تأطير وتوجه صناع القرارفى بلوغ أهداف أي مشروع إصلاحى .... لأن يدا واحدة لا تصفق
لكن كل رؤية فى زماننا هذا لن تكون ناجحة إلا بأدوات معاصرة ...لقد ولى زمن الأدوات التقليدية ….
…
ولن تكون مثمرة ومنتجة بأدوات غير مقنعة ولا ثابتة.... تميل حيث مالت الريح....
فلقد أثبتت التجارب فشل ذلك النمط من الأدوات التى لابضاعة لها ..
سيدى الرئيس
كنت أرغب فى أن تكون خلاصة هذا المقال فى حديث مباشر لكن لم تتح لنا الفرصة….
محمد سالم ولد الداه
مدير مركز للتفكير و النقاس الجماعى