ضياع، وإهمال.. تعانيه المكتبات التاريخية في شنقيط ، فرغم أنها مصنفة ضمن التراث العالمي، وتحويكنوزاونفائس من عصور خلت قل لها النظير، وذات قيمة لا تقدر بثمن إلا أن هذا لم يشفع لها عند هذا النظام المنشغل بسياسة السمسرة ، وجمع المال، والذي سبق وأن استخف بالعلم، والأدب والأدباء، في واقع مؤسف تنطق فيه مكتبات شنقيط بهذه الأبيات للقاضي عبد الوهاب ابن نصر المالكي:
بغداد دار لأهل المال طيبة وللمفاليس دار الضنك والضيق ظللت حيران أمشي في أزقتها كأنني مصحف في بيت زنديق !
إن إهمال هذه الحكومة، والحكومات المتتالية لهذه المكتبات أدي إلى تلف أزيد من عشرين في المائة من هذه النفائس، وتهريب ما يقارب خمسة عشر في المائة منها خارج البلاد، وربما إذا استمر الأمر على حاله فإنه خلال العقدين القادمين لن يبقى من هذه المكتبات إلا ذكرها، وهذا الإهمال تجلى في صور عدة منها المباشرة، و منها ما هو غير مباشرة :
فيما يتعلق بالعوامل المباشرة فإن غياب الدعم من قبل الحكومة عن هذه المكتبات كان له الأثر الأكبر في تلف هذه المخطوطات التي تتأثر بالعوامل الطبيعة المختلفة... زد على ذالك غياب التكوين لمسيري هذه المكتبات على كيفية التعامل مع هذا النوع من المخطوطات القديمة، حيث أن هذه المكتبات تدار من قبل أشخاص لا خبرة لهم البتة في هذا المجال، ولم يسبق للوزارة المعنية أن كلفت نفسها عناء تكوينهم، أو على الأقل طبع قصاصات تحوي كيفية التعامل مع المخطوطات، ومن هذه العوامل أيضا التقاضي عن التهريب الممنهج لهذه المصنفات ، إذ أن السلطات عند المعابر الحدودية، والمطارات تتساهل ربما عن قصد أو عن غير قصد مع مهربي هذه المصنفات النفيسة.
أما ما بتعلق بالعوامل الغير مباشرة فإن الفقر المدقع، والبطالة المتفاقمة والمتفشية في موريتانيا عموما أدت إلى أن القائمين على هذه المكتبات اجبروا على جعلها وسيلة للكسب إما ببيعها لتهرب لاحقا خارج البلاد، أو بعرضها في ظروف غير ملائمة لكل من هب ودب من السياح لتدنيسها مقابل دريهمات معدود يسد بها حاجة آنية مما يؤدي لتلفها.
واقع مؤسف حقا كرسه هذا النظام يقتضي عمل جاد وتضافر الجهود من الخيرين في هذا البلد لأجل دعم هذه المكتبات ومن اجل الخروج بها من واقعها المحزن، وأخيرا أود أن انصح النظام بإلقاء وزارة الثقافة والرياضة ورد مصاريفها إلي جيبه ! وإلا فليسميها وزارة ابزازيل لغجل.
سيدن ولد السبتي
[email protected] 36316872