تحيل كلمة " الأمن" من حيث الدلالة اللفظية و المعني حسب ما هو متعارف عليه إلي تحقيق الطمأنينة و السكينة و الإستقرار لكل من الفرد و المجتمع علي حد سواء ، بحيث يشعر كل منهما بعدم الخوف من أي تهديد مهمًا كان مصدره . أما من حيث المعني الإصطلاحي للكلمة فإنها تعني مجموعة الإجراءات الأمنية التي يتم إتباعها من أي نظام حاكم لحماية الدولة و مواطنيها في الداخل و الخارج و تأمين حوزتها الترابية و منشآتها الحيوية.
و الظاهر أن هذه المهمة البالغة الحساسية لم تكن غائبة علي الإطلاق عن إهتمامات رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ، حيث أكد سيادته إبان تسلمه الرئاسة سنة2019م أن الآمن يحظي بالأولوية ضمن رؤيته الإستيراتيجة لتنمية البلاد وضمان إستقرارها . و قد عبر فخامته أنذاك عن قناعته الراسخة أنه لاتوجد أية حلول لمشاكل منطقة الساحل التي نحن جزء منها إلا عن طريق إقامة الأمن و الإستقرار و ذلك نظرا للترابط العضوي بين الأمن و التنمية التي يسعي إلي إرساء دعائمها.
و مع كل ذلك ، فإننا نعتقد أن أمن الدولة الموريتانية و إستقرارها هو واجب وطني قبل كل شيئ و مسؤولية جماعية مشتركة ، ينبغي علي جميع أبناء الوطن الإسهام في إنجازها كل من موقعه. فهي ليست مقتصرة علي السلطات التنفيذية و التشريعية و القضائية و العسكرية وحدها ، بل هي قضية مصيرية بالنسبة للوطن ، يجب علي كل الأطراف من أحزاب سياسية و هيئات مجتمع مدني و نقابات و قادة الرأي و حتي المواطنين العاديين أخذها علي محمل الجد و جعلها فوق كل الإعتبارات .
و لا شك أن حادثة السجن الأخيرة رغم التضحيات الكبيرة التي بذلتها قواتنا المسلحة و قوات أمننا في التعامل مع تداعياتها و إرجاع الأمور إلي نصابها ، فإنها في الوقت ذاته كشفت الحاجة الماسة إلي إعادة النظر في مرتكزات إستيراتيجيتنا الأمنية للقضاء علي كل الإختلالات المحتملة بما يتلائم مع المرحلة من جهة و إيجاد التضامن الوطني المطلوب لتعزيز جبهتنا الداخلية في وجه كل مخططات أعداء الأمة من جهة أخرى .
و في هذا الإطار يبقي علي المؤسسات الإعلامية أن تلعب الدور المنوط بها من خلال الحرص علي تنوير الرأي العام و الإلتزام بالصدق و الآمانة في نقل الأخبار و التحري عن الحقيقة و ذلك بهدف تحقيق الأمن الإجتماعي للجميع الذي هو الشرط الاساسي لأي نهضة أو تقدم يراد الوصول إليه.
عاشت موريتانيا آمنة و مستقرة المجد والخلود لشهدائنا.