مرت علينا خلال الشهر الماضي و هذا الشهر نوائب أستوقفت الوطن، و لامست وجدانه و مشاعر كل فرد فيه، إبتداءا بمقتل الرجل الشهم حامل لواء الوطنية المرحوم الصوفي ولد الشين، و إنتهاء بفرار السجناء الأربعة الذين ارهبوا البلاد و العباد، العملية التي أستشهد فيها ثلاثة من حماة الوطن و جنوده، تغمدهم الله برحمته الواسعة.
كانت ايام من الإحساس بالألم لفقد الأحبة، و بالحسرة لإستهداف أمننا، تحمل تحديات كبيرة، و تضع البلد شعبا و جيشا و حكومة في ميزان الوطنية.
عشنا تلك الأيام، و القلق على الوطن يملؤ صدورنا، تحوم حولنا أسئلة كبيرة، أسئلة تجعل المواطن يحتار و يشعر بالإستهداف في عمق كينونته.
و رغم ذلك الغلق و تلك الحالة المضطربة، و ذلك الفزع المخيف، خرجنا بفضل الله و رحمته مرفوعي الراس، و شعرنا بالوطن و هو يضمنا إليه ضمة أم حنون و أب رفيق، بل أكثر من ذلك وجدنا أنفسنا أكثر تآلفا و تعاضدا و تعاونا بعد مرور تلك المحن.
ففي تشييع جنازة البطل المرحوم الصوفي ولد الشين، رسم الشعب لوحة تاريخية فريدة من نوعها، قال فيها بلسان الحال و المقال بأن موريتانيا شعب واحد و إن إختلاف ألوانه و ألسنته ما هو إلا تنوع و جمال و قوة.
و في محنة فرار السجناء و ما خلفت من رعب وقتل، تم القضاء على كل ذلك الرعب و الخوف، و إعادة الأمور إلى مسارها الطبيعي، و خرج الوطن و هو يفتخر بشهدائه الأبطال، و يعتز بجيشه و أمنه، ليختم فخامة رئيس الجمهورية المشهد بلفتته الكريمة النبيلة الأصيلة التي واسى فيها عائلات الشهداء مواساة معنوية و مادية لامست معنى الروح الوطنية المقدسة، و أحيت قيمة الوفاء و الإنصاف لشهداء الوطن.
لقد كانت تلك النوائب تصفية للشوائب، أدركنا من خلالها ما معنى أن نكون في وطن واحد و نعمل من أجل هدف واحد، و تمت تصفية الشوائب و صقلها، و أدرك مريدي وسائل التواصل الإجتماعي أن تلك الوسائط التي يجدون فيها مساحة للترفيه و التعبير قد تشكل ضررا كبيرا على الوطن، و أن الوطن في لحظات الجرح و الألم لا مساحة عنده للترفيه و الإشاعات، و أن أمننا فوق كل الإعتبارات الأخرى.
إن أي مواطن مخلص لوطنه مؤمن بإنتمائه له، لا بد أن يجد نفسه ممتنا لهذا الوطن قادة و شعبا، و يحمد الله على نعمة الوطن و السلام و الأمان.
و لا بد أن يشكر القيادة العليا على حنكتها و حكمتها و وفائها للقيام بدورها في معالجة التحديات الأمنية الجسيمة، و يعتز برجال أمنه و بالإنتماء للشعب الموريتاني الأصيل.
إن بلدنا العزيز مقبل على نهضة كبيرة في مجال الغاز و المعادن و مجالات أخرى متعددة و إن أولوية الأولويات هي الإستقرار و الأمن فبدونهما لا تنمية و لا نهضة، فعلينا أن نكون حريصين كل الحرص على مكتسباتنا الوطنية و أن نحافظ على أمننا، و نشد على أيدي قوات أمننا و يكون كل واحد منا صمام أمان لوطنه.
حفظ الله موريتانيا شعبا و جيشا و و رئيسا و حكومة و جعلها و بلاد المسلمين بلدا آمنا مطمئنا في كل الاوقات، و رد كيد أعدائها في نحورهم.