في إطار السعي إلى كبح موجهة الهجرة الخطيرة التي تفشت مؤخرا في أوساط شبابنا للأسف الشديد ، وخاصة نحو الولايات المتحدة الاميركية وعبر حدودها البرية ، معرضين انفسهم للأخطار البالغة و في مخالفة صريحة للقانون .
موجة هجرة غير مسبوقة تنذر بإحتمالية حدوث تصدع ديمغرافي ، و انسحاب سلبي لتأثيراتها على مختلف الصعد ، خاصة في الوقت الراهن و نحن على أعتاب الدخول في مرحلة انتعاش اقتصادي (مرتقبة) مع بداية انتاج الغاز و المشتقات النفطية ..!
إنه و نظرا إلى حاجتنا البالغة للاستفادة القصوى من طاقاتنا الشبابية وبشكل دائم ، و خاصة في هذا الظرف الزمني ، مع بداية تشكل التحول الاقتصادي و دخولنا وفرة الطفرة الاقتصادية ، فقد صار لزاما علينا أكثر من ذي قبل أن نقف بحزم استراتيجي استباقي أمام نزيف هجرة مواردنا البشرية الشبابية المعطاءة و الخلاقة ، وأن نوجد البدائل المناسبة عبر خطط مدروسة ..
وفي هذا الصدد فإننا نقترح إنشاء برنامج وطني مكثف و متكامل لتمكين الشباب الموريتاني وتكوينه و تطوير مهاراته و صقل مواهبه المتعددة ، و الإستفادة من التجارب الناجحة للدول النفطية العالمية وكيف استطاعت تلك الدول تحقيق عبور آمن و ناجع إلى الطفرة الإقتصادية ..
و لعل إطلاق مبادرة وطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية (مبادرة التنمية البشرية ) ستكون من ضمن أهم خطط هذا البرنامج الوطني المنتظر ، وأن تهدف في الأساس إلى تمكين الشباب و تشجيعه على الريادة و الأخذ بزمام القرار ، سعيا إلى مشاركته الفاعلة في التنمية المحلية و الدفع بعجلة التنمية الإقتصادية بصورة عامة ، وإدماجه الموسع في القطاعات الإنتاجية المختلفة (زراعة - صيد - تنمية حيوانية - تعدين - صناعة - ريادة أعمال ….)
وفي هذا الإطار نقترح على المبادرة إنشاء صندوق وطني لتنمية الموارد البشرية و تشجيع الريادة و المهارة الوطنية ، و من اختصاصاته على سبيل المثال :
- الدعم المعنوي و النفسي
- التمويل المالي
- الرعاية الصحية
- الاحتضان (برنامج عودة مغترب )
- التكوين المهني وصقل المواهب
- وخلق فرص التشغيل الذاتي …. الخ .
و من جهة أخرى وفي إطار تنظيم الاجراءات الادارية المتعلقة بإصدار جوازات السفر للمواطنين ، فإنني اقترح إدراج اجراءات تنظيمية جديدة ، من شأنها أن تساعد في تخفيف حدة هذا النزيف المستمر للطاقات البشرية الشبابية دون المساس بالحق الدستوري في حرية التنقل و السفر للمواطنين ، آخذين بعين الإعتبار التشديد على أهمية إحلال البدائل وتوسيع الخيارات ، فقبل تطبيق الإجراءات النظامية الجديدة ، ينبغي العمل الجاد و الدخول المباشر في الحلول العملية التي يتيحها البرنامج الوطني المقترح ، من أجل توسيع الخيارات المتاحة ، حتى نستطيع بذلك تلافي الآثار السلبية لهذه الظاهرة المستنزفة للموارد البشرية الوطنية و المعيقة لجميع الخطط التنموية الشاملة ..
ذ.محمد ولد حويه