أولا: قدرت الحكومة التي كانت أعلنت بمرسوم متخذ في مجلس الوزراء عن دعوة الناخبين لانتخابات جهوية وبلدية حددت لها تاريخ: 13 مايو 2023، وتريد أن تقيم بنفس التاريخ انتخابات تشريعية تمهد لها بمرسوم رئاسي بحل الجمعية الوطنية، أنها ملزمة لتحقيق ذلك التوافق في تاريخ الانتخابات الثلاث بأن المرسوم الرئاسي بشأن حل الجمعية الوطنية، وذلك المتخذ في مجلس الوزراء باستدعاء الهيئة الناخبة لانتخاب البرلمان لا يمكن أن يسبقا أو يتأخرا عن 13 مارس.
تقدير الحكومة ذلك ليس في محله مطلقا؛ لأن حالة حل البرلمان استثنائية يترتب على تحققها التجوز في المساطر والآجال الانتخابية حسب النص الصريح لمقتضيات الدستور والقانون النظامي المحدد لشروط انتخاب أعضاء البرلمان:
1- دستوريا: ويميز فيه بين:
-الحل بفعل إرادة رئيس الجمهورية: حيث حددت (المادة 31 /جديدة/ فقرة 2) تاريخ الانتخابات المقامة إثره:" تتم الانتخابات العامة ثلاثين (30) يوما على الأقل وستين (60) يوما على الأكثر بعد حل الجمعية الوطنية ".
-الحل الناجم عن تغييرين للحكومة في أقل من ستة وثلاثين (36) شهرا إثر تصويت مناوئ أو ملتمس رقابة، وعندها حسب مقتضيات (المادة 77/جديدة/ فقرة2):" تنظم انتخابات جديدة في فترة لا تتجاوز أربعين (40) يوما."
2-في الأمر القانوني رقم 91:ـ028 بتاريخ 07 ـ10 ـ 1991، وتعديلاته:
حيث تم التنصيص في المادة الثانية منه صراحة في حالة حل الجمعية الوطنية على عدم اعتبار أجل الستين يوما المقرر لإجراء الانتخابات العامة قبل انتهاء سلطات الجمعية الوطنية:" وفيما عدى حالة الحل تجري انتخابات عامة في الستين (60) يوما التي تسبق انتهاء سلطات الجمعية الوطنية".
بين المرسوم الرئاسي بحل الجمعية الوطنية و13 مايو، الذي هو اليوم الموعود للاقتراعات الوطنية البلدية والجهوية والنيابية يفرض الدستور أن لا يفصل بينهما أقل من 30 يوما، وعلى ذلك كان أمام الحكومة، وبعد صدور المرسوم الرئاسي بحل الجمعية، فترة سماح تمتد حتى 11: إبريل المقبل لاتخاذ مرسوم استدعاء هيئة الناخبين لانتخاب برلمان جديد.
ثانيا:
بغض النظر عن الخلفية الحقيقية للتعجيل بالانتخابات التشريعية، فالمؤكد أن يترتب على حل البرلمان إشكاليات قانونية مرتبطة بتحديد نهاية الانتداب النيابي للبرلمان المقبل وبدايته بالنسبة لبرلمان العام 2028.
نصيا تبدأ مأمورية النواب الذين سيتم انتخابهم فى اقتراعي 13 و27 مايو 2023 في حدود منتصف شهر يونيو، أي عندما يلتئم الاجتماع الوجوبي للجمعية الوطنية خمسة عشر يوما بعد تاريخ ذلك الانتخاب في دورة برلمانية -بقوة القانون- مدتها خمسة عشر يوما. (المادة 31/جديدة /دستور 20 يوليو).
بالمقابل، يبدو الأمر أكثر ضبابية بالنسبة لتحديد نهاية تلك المأمورية؛ فمقابل التحديد بخمس سنوات الوارد في (المادة 47 جديدة /دستور 20 يوليو) والذى على أساسه تنتهى المأمورية باكتمال السنة الخامسة على انتخاب النواب: أي في حدود منتصف يونيو 2028 ، يوجد تحديد آخر يقدمه القانون النظامي 2012-029 ، المعدل لبعض أحكام الأمر القانوني رقم 91ـ028 بتاريخ 07 ـ10 ـ1991، المعدل، المتضمن للقانون التنظيمي المتعلق بانتخاب نواب الجمعية الوطنية في ( المادة 2/جديدة ) منه التي تنص على أن:" تنتهى سلطات الجمعية الوطنية عند افتتاح الدورة العادية لشهر أكتوبر من السنة الخامسة التي تعقب انتخابها.
وفيما عدى حالة الحل تجري انتخابات عامة في الستين (60) يوما التي تسبق انتهاء سلطات الجمعية الوطنية"، ما يعنى وفق هذا النص استمرار مأمورية البرلمان المقبل إلى بداية أكتوبر 2028، أي بزيادة قرابة أربعة أشهر فوق السنوات الخمس المحددة في (المادة 47/جديدة).
في تاريخ البرلمان الموريتاني ما يذكر بهذه الحالة؛ ففي انتخابات 24 نوفمبر و03 ديسمبر 2006 تم انتخاب نواب للجمعية الوطنية، إلا أنهم لم يباشروا مهامهم فعليا قبل شهر مايو 2007 إعمالا لمقتضيات المادة (04) من القانون الدستوري رقم 014/2006 بتاريخ 12 ـ 07 ـ 2006 التي نصت علي: "يدخل هذا القانون الدستوري حيز التنفيذ بانتهاء المرحلة الانتقالية طبقا لما هو محدد في إطار الميثاق الدستوري الصادر بتاريخ 06 أغسطس 2005 المحدد لتنظيم وسير السلطات العمومية الدستورية خلال الفترة الانتقالية.
وفي انتظار أن يدخل هذا القانون الدستوري حيز التنفيذ، تمارس السلطة طبقا لأحكام الميثاق الدستوري الصادر بتاريخ 06 أغسطس 2005 ".
وممارسة السلطة وفقا لمقتضيات ذلك الميثاق يجعل السلطة التشريعية تبقي بيد المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية وحتى اكتمال المؤسسات الدستورية بانتخاب وتنصيب رئيس للجمهورية.
بحلول شهر نوفمبر 2011 حينها انتهت سلطات الجمعية الوطنية المنتخبة في اقتراع نوفمبر وديسمبر 2006 وفقا لما جاء في الفقرة الأولي للمادة الثانية من الأمر القانوني رقم 91ـ028 بتاريخ 07 ـ10 ـ1991 المتضمن للقانون التنظيمي المتعلق بانتخاب الجمعية الوطنية:" تنتهي سلطات الجمعية الوطنية عند افتتاح الدورة العادية لشهر نوفمبر من السنة الخامسة التي تعقب انتخابها". وهي في حكم المنتهية كذلك باعتبار التحديد الوارد في المادة 47/جديدة من الدستور التي تحدد المأمورية النيابية بخمس سنوات.
الرأي الاستشاري للمجلس الدستوري رقم: 002/2011/م. د، بتاريخ :5/9/2011 ذهب إلى أنه:" للجمعية الوطنية أن تمارس صلاحيتها إلى غاية افتتاح دورة مايو 2012 "، ربما مراعاة للبداية الفعلية للمأمورية النيابية.
عمليا وجد المجلس الدستوري أن الأمر لا يتعلق بالتمديد للجمعية، لكون ذلك غير وارد إلا من خلال تعديل النص الدستوري المحدد للمأمورية النيابية (خمس سنوات).
سنة 2028، وتحديدا في منتصف شهر يونيو تنتهي مأمورية برلمان اقتراع 13 و27 مايو 2023.وقبل ذلك التاريخ بستين يوما تجرى انتخابات نيابية يلزم المنتخبين فيها انتظار أول يوم عمل من شهر أكتوبر تاريخ الدورة العادية الأولي للبرلمان إيذانا بالعودة للسير الطبيعي للمأموريات البرلمانية.
كان من المتاح تحقيق ضبط النصوص وفقا للواقع الانتخابي الخاص للبرلمان المقبل لو عمد ضمن التعديل الذي حمله القانون النظامي رقم: 2023-014 بتاريخ 23 فبراير 2023، المتضمن تعديل بعض أحكام القانون النظامي: 2012-029، المعدل للأمر القانوني رقم 91-028 الصادر بتاريخ 07اكتوبر 1991، المعدل، المتضمن القانون النظامي المتعلق بانتخاب النواب في الجمعية الوطنية، لتعديل مقتضيات (المادة 2) من ذلك القانون ، بحيث تضمن مقتضيات "خاصة " بانتهاء سلطات الجمعية الوطنية المنبثقة عن اقتراع 13و27 إبريل 2023 السنة الخامسة على انتدابها الذى بدأ مع الدورة البرلمانية بقوة القانون التي ستكون البداية الفعلية للمأمورية البرلمانية، لمواءمة النص النظامي لانتخاب النواب مع الواقع الذى خلقه حل البرلمان قبل أمده .
ذ / يعقوب ولد السيف