نظام الموت / محمد الهادي ولد حمادي

محمد الهادي ولد حماديلم يعد الفساد الذي يترعرع بشكل كبير وينتشر بطريقة سريعة في أركان الدولة هو ما يقلق المواطن الموريتاني،بل غدا أقصى جهد المرء أن يحافظ على حياته في دولة فقدت الأمن رغم كثرة الجنرالات والأوسمة المتناثرة على أكتاف الضباط و التي يمنحها العسكر منحا، ويعطيها عطاء من لا يملك لمن لا يستحق مع بعض الاستثناء.

لقد أضحت قصص الموت حديث الشارع، حتى أن الناس لم تعد تتألم لما يحصل من قتل مروع وازهاق بشع للأرواح لكثرتها، ففي كل يوم تطلع فيه الشمس يدفع مواطن ما في مكان ما حياته التي هانت على حكومة أمير المؤمنين ورئيس الفقراء حتى سامها كل مفلس.

ولأن الرعية على قلب الأمير –أو  تحت قدميه- فقد أطلق ابن أمير المؤمنين رصاصة الانطلاقة على رجاء، معلنا بذلك بداية الفوضى الخلاقة وانتهاء عهد الأمن والسلام و الطمأنينة.

ثم كان أن جاءت حادثة 13 اكتوبر التي لم تكن سوى حلقة من حلقات مسلسل الرعب الذي يلعب الجنرال بطولته وإخراجه على أسوأ ما يكون الإخراج والتمثيل.

ثم جاء دور البلاطجة الذين يهددون الناس على مرأى ومسمع من النظام ، فعاثوا في الأرض فسادا وروعوا الآمنين في المهرجانات والمسيرات التي من المفترض أن تحميها الدولة لا أن تهدد سكينتها و تروع المشاركين فيها.

 

لا أحد سينجوا من فوضى النظام الخلاقة فمن لم يمت بالرصاص، مات بالقنابل المسيلة للدموع، ومن لم يمت بذينك الاثنين مات في الطائرات العسكرية، ومن لم يمت بتلك مات بحقن وزارة الصحة، ومن نجا من كل ذلك تلقفته طرقات وزارة النقل المهترئة ورمت به على مشارف الموت والهلاك، ومن لم يمت بذلك كله قتله اللصوص على الطريق أو في مكان عمله أو سكنه ومن لم يمت بالسيف مات بغيره..تعددت الأسباب والموت واحد.

ليس نظام أمير المؤمنين –قدس الله سره، وثبته ضد عواصف الفضائح- ليس  الذي يبكي صبابة على الأمن إن فقد، ولا هو بالداعي ليرجع إليه مادامت حوزة القصر الرمادي لم يمسسها سوء ولم تصله الدماء التي تناثرت على الطرقات و تفرقت أشلاء.

ألم يفكر ولد عبد العزيز يوما أنه سيسأل يوم القيامة عن كل قطرة دم سالت وكل نفس أزهقت؟ هل فكر الجنرال بأحزان أم أطفال أطار وهي المكلومة في فلذات كبدها ونظائرها من أمهات أسَرهٌم الحزن على فراق الأحبة، هل جالت خاطرة في ذهن الجنرال بخصوص الأحلام الموءودة لعشرات الأسر بسبب أن ابنهم أو ابنتهم قتلت غدرا ، أم ذهن الجنرال مشغول بالصفقات و التفكير بأنجع السبل نحو الثراء الفاحش.

إن استفحال الظاهرة وانتشارها بشكل كبير بين الأوساط الشبابية يستدعي التفكير الجدي في معالجتها بعيدا عن تجاذبات السياسة ،ولعل في ظاهرة قتل الأطفال بعضهم لبعض ما يتطلب الوقوف والمعالجة.

إن انتشار الظلم الذي يرعاه النظام ، وتفشي البطالة التي يقوض النظام كل محاولات القضاء عليها، وضعف الوازع الديني الذي يرسخه نظام الجنرال  بفضائحه التي يعرضها علينا كالحصير عودا عودا، كل هذا يدفع بضعاف النفوس إلى ارتكاب الجرائم وقتل الأنفس التي حرم الله إلا بالحق ، ولو كانت الدولة صادقة في محاربتها لقضت عليها ، واستأصلت شأفتها لكنها للأسف تستخدمه لترويع المواطنين كلما نادوا بحقوقهم وطالبوا بالإنصاف وتوزيع الثورات بشكل عادل .

15. أبريل 2013 - 15:43

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا