الإنصاف بين كفتي الواقع والمأمول / المختار محمد يحيى

تشهد الساحة السياسية الوطنية نشاطا دؤوبا للأحزاب السياسية للفوز بثقة الناخب الوطني، والعمل على حيازة أوسع رقعة للتمثيل الانتخابي على التراب الوطني، ولعل أبرز الأحزاب السياسية في المشهد باتت في تنافس محموم لإتمام لوائحها وتوقديمها استعدادا للحملة الانتخابية، ومن أبرزها حزب الإنصاف أكبر أحزاب الأغلبية الداعمة لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، والذي حظي بمتابعة كبيرة مؤخرا من قبل السياسيين والمراقبين ترقبا لمعرفة لوائح اختياراته للترشيح.

تعود كثير من المراقبين في السابق خلال الاستحقاقات الانتخابية على رؤية الحشود الرحل تغاضب الأحزاب وتنضوي تحت ألوية أحزاب أخرى بحثا عما حرموا منه، كذلك هنالك من الأحزاب من يؤجل إعداد لوائحه منتظرا زبدة الناقمين على الحزب الحاكم لجعلها إداما لترشيحاته التي لولى المغاضبين لكانت قفرا منسيا، إلا أن ذلك ماض قد ولى وهذا حاضر جديد يميزه رغبة السلطات العليا في حياة سياسية هادئة مليئة بالإنسجام والإنصاف، تلك الرغبة المتجسدة في حزب الإنصاف الذراع السياسية القوية للنظام، والذي حمل فكرا وطنيا جامعا قوامه خدمة الجمهورية وإعمال الحكمة لخلق عمل سياسي مسؤول يجمع الجميع على طاولة الإنصاف.

وبقدر ما يسعى الحزب لعكس سياسة الإنصاف المتبعة من أعلى سلطة في البلاد لإنصاف المواطن المغبون والمهمش وتوجيه عشرات البرامج ومئات المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والتنموية أملا في تغيير واقعه، فإن الحزب سعى لإنصاف المناضلين والأعضاء والفاعلين السياسيين الذين تم تهميشهم خلال مراحل سابقة ومنعوا حق المشاركة من داخل مؤسستهم الحزبية، كذلك ليكون جميع أعضائه ومناضليه منصفين جاعلين مصلحة الوطن ومصلحة الحزب في المقدمة دون تغييب لروح المؤسسية والانضباط الحزبي.

إن هنالك حقيقة واحدة عصية على التجاهل هي أنه يستحيل أن يتم ترشيح جميع أطر الحزب والفاعلين السياسيين الراغبين في الترشح، وطبعا لمحدودية المناصب الانتخابية، بل لا شك أن الأمر سيقتصر على مجموعة بعينها، رأت اللجنة العليا للترشيح أن تحمل مسؤولية تمثيل الحزب في المناصب الانتخابية المختلفة، بينما ادخرت عشرات الأسماء أو المئات منها لمسؤوليات أخرى، أدرى اللجنة بالحاجة الاستراتيجية لها، وما يمكن أن تقدمه من مواقع أخرى لا تقل أهمية، ويجب أن يكون الجميع مثالا في الانضباط والمسؤولية، وأن يقدم ما أمكن لإنجاح مرشحي الحزب في داوئرهم الانتخابية فنجاح وفوز منتخبي الحزب هو نجاح لهم جميعا ونجاح لجميع الموريتانيين الملتفين خلف برنامج فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني "تعداتي".

إن حزب الإنصاف يشهد منذ فترة وبعد مؤتمره الأخير وضع الخطط لتصحيح وإعادة تأسيس الحزب على أسس تمثل الروح السياسي الجديد الذي بشر به عهد فخامة رئيس الجمهورية، والذي أعطى عناية كبيرة للجوانب الاجتماعية والاقتصادية والتنموية، كذلك السياسية، وهو ما تجسد في تحسين ولوج المواطنين الأقل حظا للخدمات الصحية والتعليمية وغيرها، ناهيك عن تميز عهد فخامته بالتهدئة السياسية والوئام الاجتماعي وتعزز اللحمة الوطنية، ومثل توقيع فخامة رئيس الجمهورية على نداء جول للحمة الاجتماعية والعدالة قبل أقل من أسبوع بارقة أمل متجدد بالتحام جماهيري ووحدة وطنية مبني على قوة تنوعنا الثقافي الأخاذ.

إن خير شاهد على الجديد في مشهدنا السياسي هو تنظيم تشاور سياسي ناجح كان سبيلا إلى تنظيم توافقي للإنتخابات أشرفت عليه وزارة الداخلية واللامركزية وبمشاركة الأحزاب السياسية الوطنية، فمن كان يتصور أن في الماضي قبل عهد فخامة رئيس الجمهورية أن تكون الداخلية بمثل هذا الحياد والترفع عن خدمة طرف سياسي على حساب طرف، لتضطلع في هذا العهد الميمون بأدوار هامة لترقية الديمقراطية والحياة السياسية وتنظيم العمل الحزبي والجمعوي، خدمة للمواطن الكريم، مهما كان توجهه السياسي وقناعاته الحرة.

إن واقع موريتانيا اليوم ينبئ بتغير كبير في تعاطي الدولة والنظام مع الأحزاب السياسية، وهو ما تمثل في ترك الكرة في مرماها لتنظيم استحقاقات انتخابية حرة ونزيهة، الأمر الذي يعبر بصدق عن توجهات فخامة رئيس الجمهورية لتعزيز الديمقراطية في بلادنا، وعملا على تغيير العقليات البائدة، وسيادة الشعور الوطني على حساب الانتماء القبلي والجهوي، والإيمان بقدسية الوطن والشعب، ومركزية الدولة ليسمو تعاطي المواطنين والنخب إلى مستوى الثقة الممنوحة من قبل فخامته للوصول إلى الجمهورية.

 

 

25. مارس 2023 - 6:38

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا