موسم المغاضبة القبلية والمغازلة السياسية / الحسن ولد محمد الشيخ

تنتعش الساحة السياسية هذه الأيام بنشاطات حزبية مكثفة واجتماعات قبلية متعددة ومتنوعة؛ ذلك أن موعد الاستحقاقات النيابية والبلدية على الأبواب.

وبما أن إرضاء الكل غاية لا تدرك؛ فإن حزب السلطة يشهد مع كل موسم انتخابي هزة سياسية بسبب اختياراته للمرشحين تحدث فيه تصدعات لا تؤثر في المجمل على تسييره للمرحلة وفق أجنداته وخططه المرسومة، إلا أن الهزة الأخيرة كانت الأعنف؛ حيث لاتزال تداعياتها وارتداداتها متتالية.

فالمنافسة المحلية والخصومة السياسية المتجذرة بين المجموعات القبلية في دوائرها أقوى وأصعب من أن يصل إلى كنهها تنظير سياسي غير مخضرم يجتمع بطاقمه لساعات معدودة في غرف مكيفة.

وبهذه المناسبة وككل مرة تبدأ الأحزاب السياسية الأخرى من موالاة ومعارضة تتهيأ لاستقبال المغاضبين لعلها تحظى بمكسب مادي أو معنوي يرفع من أسهمها ولو بالدوس على المبادئ والنظم. ليبدأ بحق موسم المغاضبة القبلية من جهة، والمغازلة السياسية من جهة أخرى.

وهنا يتخندق الفاعل السياسي خلف لافتة مموهة لا تحجب الواقع عن المتأمل .. فليست الأحلاف إلا قبائل، وليس الوجيه والفاعل السياسي إلا زعيم قبيلة أو فارسها المغوار .. وليست الأحزاب السياسية البديلة إلا واجهة مزخرفة تدثرت خلفها قبيلة غاضبة على اختيارات الحزب الحاكم القائمة في الأصل على مبدإ التوازنات القبلية .. إنها واجهة سياسية بخلفية قبلية.

وإن كان من المفروض أن تسعى هذه الأحزاب إلى النأي عن القبيلة، وعن فرض إملاءاتها الإقصائية، فإن المفارقة أغرب حين يكون المثقف الحاذق هو من تتكسر رماح التغيير "الشحيحة" فوق دروعه المحصنة بالفكر وهو ينظّر للشرف والحمى والوجود.

وفي هذا لا تختلف الأحزاب ذات المرجعيات التقدمية أو الإسلامية أو الإشتراكية أو القومية عن غيرها، فقد أضحت متناقضة مع مبادئها وهي تتفنن في طرق اقتناص القبليين المغاضبين؛ أولئك الذين لا يؤمنون بها فكرا ولا منهجا ولا حتى مستقرا ...

وفي موسم المغاضبات هذا والإغراءات وأزمة التناقضات التي تسيطر على المشهد السياسي في البلد، يغدو المواطن ضحية، ينتظر تصويته لاختيار آكله من ذئاب غابتنا السياسية.

وإن عدم احترام الأحزاب لمبادئها ونظمها يؤدي إلى وجود منتخَب غير مكترث بمعاناة المواطن، ولا إلى تطلعاته وآماله؛ فحين تغيب الثوابت وتتضارب المعطيات لا تتحقق الأهداف. وعندها يسَيّرنا اللامقبول كفاءة باللامعقول منطقا، فنتيه مع التائهين في بلاد "السيبة" لا ندري أي مسلك يوصلنا إلى بر الأمان. فالحذر .. الحذر من متاهات الرجعيين وسفسطة السياسيين ومغامراتهم.

واعلم أيها الناخب أن خطاب أغلب رجال السياسة حلو معسول وأداءَهم مرٌ زقوم.

وأن الوطن يستجدينا كي نحسن الاختيار لئلا ننجر وراء المغريات نحو المجهول مرة أخرى.

واعلم أنه لن تكون هناك تنمية ناجحة مالم يكن هناك تحليل حقيقي للواقع، وتخطيط واضح يرسم أهدافا منطقية قابلة للتحقق في المستقبل المنظور .. بعيدا عن التوازنات والمغاضبات القبلية وعن فلسفة أحزابنا السياسية البراغماتية.

الحسن ولد محمد الشيخ ولد خيمت النص

 

25. مارس 2023 - 7:45

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا