كان من شبه اللازم تخصيص هذا الشهر للكتابة عن تاريخنا ووحدتنا المذهبية ... ونكون قد استرحنا عن قضية المرأة، على الأقل استراحة محارب، إلا أن مشاركتي خلال الأسبوع المنصرم في المنامة عاصمة البحرين الجميل ...! في ملتقى الأديبات العربيات الرابع، قد حتم علي تسجيل بعض الملاحظات التي لا شك
أنها ضرورية في كنه معالجة بعض القضايا المتعلقة بذاتيتنا كأمة، قد استطاع أدب المرأة أن يلج بقضايانا المؤلمة وجراحنا النازفة إلى عالم الخيال والأحاسيس ليصور وجدانا صادقا كثير الألوان صادق التعبير ...!!
إن تجربة المرأة العربية في كتابة الشعر والسرد لم تقتصر على قضايا المرأة رغم حضورها في مشهد التجربة الذاتية لأدبها ، لقد أحست المرأة الشاعرة والساردة بإحساس مرهف قضايا أمتها فسجلت ذلك بأمانة الأديب ولوعة الشفيق ...!!
من خلال هذا المقال سوف أقدم نماذج نسائية شاركت في ملتقى الأديبات قد تركن لدي انطباعا عن شمولية وصدق إبداعهن الأدبي ...!!.
لقد شاركت الشاعرة العراقية أمل الجبوري المقيمة في لندن منذ 2003 بقصائد راقية من التعبير الإنساني... إنها قصائد على مستوى عالمي قد ترجمت إلى عشرات للوغ العالمية ، وغناها أشهر المغنين العرب ، لقد كانت الشابة العراقية ذات الشعر الغجري الجذاب متميزة وأكثر من رائعة في تفاعلها مع ما تقول...!! وصادقة في حزنها على واقع أمتها العراقية مهد الحضارة العربية ورمز الخلافة الإسلامية ...!!!
كان أكثر ما ميزها عندي أن شعرها لوحة من مآسي شعبها ، وخاصة في قصيدتين لها هما: " الشرف قبل الاحتلال والشرف بعد الاحتلال " وكذلك قصيدتها : " حجاب الأديان "
إن الشاعرة العراقية أمل الجبوري قالت الشعر لا ليصفق الجمهور بل ليبكي الجمهور حزنا صامتا رهيبا ....!!!
أما الشاعرة العمانية سعيدة الخاطر فإنها في قصيدتها الموجهة لنزار قباني بعد رحيله كانت جميلة ومأثرة وترجمت مشاعر النساء بأمانة أديب في قصيدتها التي بعنوان " : لماذا أحببناك نحن النساء " كانت مسالمة في قصيدتها هذه نحو الرجل حيث أكتفت بذكر الأهمية التي خصصها الراحل نزار قباني للنساء ، إلا أنها في القصيدة الثانية والتي صفق لها الجمهور النساء بكثرة كأنها ترجمت عنه أشياء تلج في ذهنيته عن الرجل العربي مثل الذي سبق للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي أن تعرضت له في قولها : " إن كل علاقة لك مع رجل سترسو بيك إلى ىشاطئ المفاجئات في البدء نحن ندري مع من تزوجنا لكن كل ما طالت بنا الحياة الزوجية نعود لا ندري مع من نحن نعيش ..!!"
فسعيدة العمانية قالت على هذا المنوال أبياتا جميلة وثائرة على غموض الرجل الزوج وعقده أحيانا فقالت :
" هذا الرجل النائم على سريري يجرح وحدتي حينا
يخربش جسدي حينا آخر ...
هذا الرجل العاري ...النائم في سريري
لا أعرفه ...
أحيانا يأتي القدر إلينا بالغرباء ..!!"
أما الشاعرة السعودية هدى الدغفق في ديوانها الذي بعنوان : " بحيرة وجهي " فقد كانت شاعرية ورقيقة وكانت قضية حرية المرأة ومساواتها مع الرجل هما واضحا في شعرها ، لكنه تعبير يكاد يكون همسا ....
أما عن السرد فقد حضرت لهذا الملتقى نماذج نسائية من العيار الثقيل مثل ليلى العثمان من الكويت وليلى الأطرش من لبنان وسميحة خريس من الأردن وأنيسة عبود من سوريا وآمال مختار من تونس ...!!
فليلى العثمان التي يأخذ عليها تكسيرها للمستور من خلال روايتها " يحدث كل ليلة " التي طلقت العنان فيها للخيال فسارت إلى أقصى ما يمكن من التعبير الحر، فتعرضت للنقد والمصادرة والمحاكمة... ورغم ذلك فقد ظلت ليلى العثمان تجربة نسائية قد استنطقت المسكوت وكشفت المحجوب ولا مست عمق بعض الإشكالات ...
أما ليلى الأطرش في روايتها : "أبناء الريح " فإنها عالجت الأمومة المفقودة في دور الملاجئ وسكن لأيتام ، فكانت عاطفتها صادقة نحو فقدان أولائك الصبية لحنان الأمومة ورعاية الوالدين وظلم المجتمع ....!!
الكاتبة السورية أنيسة عبود في روايتها : " ركام امرأة " فقد كانت أكثر نقمة على المجتمع الذكوري خاصة المجتمع الشامي فيما يعرف ب " جريمة الشرف " التي كانت ظلما منتهكا ضد المرأة العربية كنوع من غسل العار الذي تعرضت له الشاعرة العراقية نازك الملائكة قبل أكثر من نصف قرن من الزمن ...!!
كما كانت روايتها : " النعناع البري " من أشهر الروايات العربية المعاصرة وأكثرها قدرة على معالجة قضايا المجتمع العربي المعاصر ....!!
أما أمال مختار التونسية الشابة الجريئة في روايتها : " الكرسي الهزاز" فقد كانت ناقمة على وضعية الأمة الراهنة من ضعف وهوان وتخلف ....!!!
وقد نالت من خلال هذه الرواية ورواية أخرى بعنوان : "نخب الحياة " مستوى هام من الشهرة حيث صنفت من ضمن الكتابات السردية الرائدة ....!!!
ختاما لهذه العجالة لقد توصلت لنتيجة من خلال مشاركتي في هذا الملتقى تتمثل في اعتقادي بأن التجربة الأدبية للمرأة العربية قد اشتملت على محتوى الرسالة الأدبية في رصدها لخصوصية مجتمعنا بمنهج أكثر شفافية وبرؤية صافية جعلت القلم النساء هو رسالة الأمة وسجل مترع من تجارب مجتمعاتنا العربية ....!!!