اركب أيها النظام الفارس على ظهر مطيتك ...اركب واضرب ظهر المسكين المذلل المنبطح لكل الأنظمة ، والمتسع لكل الراكبين الصاعدين نحو الحكم ...اركب ظهر جوادك القوي الصابر "فأمسك لايطال له فيرعى ولاهو في العليق ولا اللجام "...اركب من خضع لك وركع وصفق ولم يذد الذباب عن فيه لحظة ...
على ظهرك أيها المواطن أثقال الماضي والحاضر ، وثلاثية الموالاة والمعارضة والقبلية المقيته ..فأنت الحمال رغم تطلعك للمستقبل ، وحلمك بغد مشرق ينجيك من سرج الحكام الملصق على أكتافك ، ويمنحك حرية الإرادة وصياغة واقع وطنك الحبيب .
في الأيام الماضية تضامن الجميع مع قضية الحمالين الوطنيين الذين باعوا عرقهم بثمن بخس ، وضاع عملهم سدى بين مطرقة الضرب وسندان القنابل المدوية ، فخط كل مدون وطني حروف التضامن مع الحمالين على أكتافهم الحره والنظيفة لتذوب الفوارق العرقية وتبقى العواطف الوطنية والدينية هي السائده .
وتضامنا مع الحمالين الوطنيين نقول :{كلنا حمال}... على فقرات ظهر المواطن عبء أثقل من عبء خنشة من القمح أو الأرز ، أترون أن حالكم أدنى من حال الإنسان الموريتاني المريض من الفساد والمتخم بالتغيير المسرحي الذي هو تغيير لديكور وجه حاكم وجعل المسبحة بيده "يد تسبح ويد تذبح "؟ ...أترون أنكم أدنى حالا من الإنسان الموريتاني المعبد لكل الأنظمة ، والموعود بمشاريع الخيال التافهة المطوية بين صحف الوزراء والإدارات الخربه ، إن كنتم تحملون أطنان القمح ولاتأكلون منها حبة ، فنحن حملنا النظام بوزنه الثقيل نحو "القصر"، نحو "البحر"، نحو "المعادن" ، ومامنحنا حبة خردل ، على ظهورنا تعقد الصفقات المشبوهة والمدرة للدخل ولم نعط منها كقدر قلامة الظفر، على ظهورنا ينقلب النظام على النظام بحجج واهية ليخط المنقلب خطة العدل والحرية والتنمية بقلمه المتحرر وعقله المنفتح الثائر لكرامة الشعب .
على جسمك أيها المواطن المنهك يعيش حاكمك المتطلع للبقاء ، والمتربع على العرش وإن مت فلا باكي عليك سوى ظهرك المنهك بالأثقال ، والمدفون معك في لحدك .
عن أي عدل يتحدثون؟ وعن أي ديمقراطية يتشدقون ؟ حمل الضعيف المسكين على أكتافه أصحاب النفوذ الوطني ، ووجهاء القبائل قصد المنفعة والشراكة في الحياة العامة ...فكان الضعيف يتسلق قصور القوم ويسقط حتى تداركه الحاكم بسوطه وعصيه على الظهر ليتذكر ركوبه وانبطاحه .
منذ ولدت الدولة الفتية والشعب هو الضحية ، قيل المشكل الأمية ففتحت دور الكتاب ومافتح الناس الكتاب ، فقيل المشكل الإستبداد وجاءهم الإستبداد من كل مكان ، فلا المواطن عرف المشكل ، ولا الحاكم اعترف بالعجز، علينا أن ننطلق من الواقع ونحلل الداء لنكتشف جذور المرض المزمن المنتشر في جسم الشعب الموريتاني على امتداد أرضه الواسعة ، لنكتشف نواة المرض ونبحث عن الوصفة المناسبة قبل "حبة الدواء".
ففي نظري لابد من تغيير "عقلية الأنظمة " وإعادة الصياغة الفكرية للحكام لكي يستوعبوا واقع الشعوب المتطلعة للتغيير ، والثائرة على إقطاعية الحكم المتسلط ، فلامجال لإهانة الإنسان وتحطيم كرامته بعد تغيير موازين القوى وأخذ الثأر من أنظمة الحكم البائدة المتجبرة التي قالت من أشد منا قوة ؟ فنسفتها رياح الثورات ووضعتها في خبر كان ...
لم تكن الشعوب الثائرة إلا مطية النظام المتجبر طيلة عقود ، حتى انتفض الشعب المظلوم ووقف وقفة البطل ليرفض التركيع والخنوع فقد سئم كل ذالك وشرع في صياغة واقعه بنفسه متمثلا المثل :"المايحلب بيد مايبياظ اخديد".
ولم يعد ظهر المواطن المضروب في واقع الشعوب الثائرة إلا كظهر صاحب الكرسي المستند على قصره الرمادي ، فلا فرق ولافضل والقانون فوق الجميع .
ولابد أيضا من صياغة فكر المواطن صياغة جديدة تخطط لواقعه وترسم مستقبله ، وتجعله يذوب في المصلحة العامة ، ويتخطى فلسفة الجهة والقبيلة الضيقة لينتج فكر التغيير للبلد والإصلاح والتنيمة ، فقرار المواطن بيده ، ولاثروة أقوى من الثروة الفكرية والثقافية والعلمية ، فذاك الإقتصاد النادر ، والعملة البغيضة عند العدو الذي لايريد لنا أن نفهم الدرس ولا أن نحيا حياة كريمة بين العالم الحر .
حينها ستفهم الأنظمة لغة "الرحيل " عن أكتاف الشعوب المتوسدة مخدة الفقر والجهل والتخلف ، ستفهم أن ظهر المواطن رغم آلامه أضحى من ملكه ، حاملا عليه همه الخاص ، وهم الدولة ، والأمة .