متى نستيقظ من كابوس النفط؟ / محمد محفوظ المختار

altحين تحدث وزير النفط والطاقة الطالب ولد عبدى فال الخميس 25/04/2013 عن اكتشاف ثمان آبار نفطية قد يصل إنتاجها اليومي إلى 10.000 برميل من النفط يوميا، كان الاعلام أمينا في نقل هذه التصريحات، وذلك أنه لم يحرفها بل إن بعض وسائل الإعلام المسموعة لم تجد غضاضة في أن تذيع تصريح الوزير شخصيا حتى يطمئن المواطن إلى أن البلاد أصبحت تنتج النفط وبالتالي فإنه أضحى بإمكانه أن يتفائل وأن يتطلع إلى غد أفضل.

لكن يبدوا أن الحكومة تداركت تصريحات الوزير "غير المحسوبة"، وذلك عن طريق إصدار توضيح عبر وزارة النفط يفيد بأن النفط لم يتم اكتشافه في لآبار التي أعلن عنها وأن ما تحدث الوزير عنه ليس إلا "مشاريع إذن بالتنقيب أو حفر لآبار استكشافية ليس إلا، وأن تصريحات الوزير قد أسيئ فهمها"، وبالتالي فإن علينا – كمواطنين- أن نؤجل الفرح قليلا، وأن لا نستبشر خيرا في ظل حكومتنا "الموقرة"، وأن نعلم أن التطلع إلى النفط وأيامه يجب تأجيله إلى وقت لاحق (ربما لا يكون قريبا). قصة النفط في موريتانيا قصة قديمة متجددة، حيث بدأت لأول مرة في ظل الدولة الموريتانية بعض الشركات عمليات تنقيب مع بداية السبعينات من القرن الماضي غير أن تلك الجهود توقفت نتيجة حرب الصحراء وتبعاتها، لتستأنف بعد ذلك بأقل من عقدين من الزمن مع الشركة الاسترالية "وود سايد"، ثم بعض الشركات الأندنوسية، ليتوج ذلك في عهد حكومة موريتانيا الحالية بعلاقة عمل وطيدة مع شركات توتال الفرنسية بالتعاون مع شركة سوناتراك الجزائرية وقطر بتروليوم الدولية.

عمليات التنقيب في نهاية التسعينات أثمر بالكشف عن عدة آبار من أهمها شنقيط الذي أعلن عنه عام 2001 باحتياطي نفطي يصل 120 مليون برميل، ثم بعد بعامين (2003) تم الكشف عن حقل "تشوف" النفطي والذي قيل إن أهميته الأقتصادية أكبر من سابقه حيث إن الاحتياطيات التي أعلن عنها آنذاك تتجاوز 350 مليون برميل من النفط.

ثم جاءت مرحلة ما بعد انقلاب 2005 والتي دخل النفط الموريتاني بعدها مرحلة شهدت تحقيقات كشفت النقاب عن تلاعب كبير وفساد اكبر في تعامل الجهات الوطنية المختصة مع الشركات الأجنبية تمثلت في عمليات رشى تجاوزت قيمتها الإجمالية مليارات الاوقية.

ثم جاء انقلاب ولد عبد العزيز عام 2008 لتدخل حقبة النفط في موريتانيا مرحلة غموض عميقة لم ينغصها إلا تصريحات الوزير "غير الموفقة" والتي جاء الاعتذار عنها اليوم ليشكل خيبة أمل كبيرة وكبيرة جدا بالنسبة لمن كانوا يعلقون آمالا على الاكتشافات النفطية الهامة التي أعلن عنها الوزير (وما أقلهم).

ويبدوا أن النفط ليس نشازا في حالة الغموض التي تلفه، حيث سبق لموارد اقتصادية وطنية أن دخلت ذات النفق، ومن أهمها الغاز الذي سبق وأن كشف النقاب عن حقلين منه عام 2004 والحقلان هما "بندا ، و"تيفيت ، والذي قيل حينها إنهما سيغيران واجهة الاقتصاد الوطني إلى الأفضل وحالة المواطنين إلى الأحسن لكن الحلم تحول إلى كابوس مزعج. هنا لن أتحدث عن موارد تم إهدارها والتلاعب مثل الحديد والنحاس والذهب والفوسفات واليورانيوم (...) بل أسكتفي بالحديث عن النفط لعل ذلك يكون من باب الإشارة إلى حجم الكارثة التي استهدف بها الاقتصاد الوطني الغزير بالموارد من طرف من لم يراعي في المواطنين إلا ولا ذمة.

 

 

شخصيا: أعتقد أن تصريح وزير النفط والطاقة  الطالب ولد عبدى فال أفسد على جهات عليا في الدولة مرحلة استنزاف كبيرة وممنهجة كانت تقوم بها لموارد النفط الموريتاني والذي لايعرف الكثير عن تفاصيل أخباره. 

ختاما: التصريح أو التصحيح الذي صدر اليوم عن وزارة النفط يطرح من الأسئلة أكثر مما يجيب عنه، ويفتح بابا جديدا للاستغراب عن ما يحيق بالاقتصاد الوطني  من مكر وتلاعب، الاقتصاد الوطني المنهك الذي يبدوا أنه أصبح يردد بصوت جهور "ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله" بعد أن همس بها طويلا وطويلا جدا

30. أبريل 2013 - 6:56

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا