لماذا استشارتك حكرا على الرجل؟ / تربة بنت عمار

لا شك أن السيد رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز قد حقق جزأ هاما من برنامجه الانتخابي مثل البنية التحتية كالطرق المعبدة وكهربة المدن وتزويد سكان نواكشوط بالماء الصالح للشرب ، وعلى المستوى السياسي وتوزيع المناصب يمكن القول أن العدالة شملت معظم الشرائح ،

 بما في ذلك المرأة التي لا شك أنها نالت أكبر نسبة وزارية لها في عهد السيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز ، ففي سنة 2009 وصلت نسبة النساء في المجلس الوزاري 6 نساء محطمين بذلك رقما قياسيا في العالم العربي بما في ذلك حقيبة وزارة الخارجية ذات الرمزية السيادية ....

وعلى مستوى التعليم العالي تم ولأول مرة إدماج النساء بقرار رئاسي في سلك التعليم الجامعي ، وفي الدبلماسية والإدارة تم اكتتاب 50 سيدة لوزارتي الخارجية والداخلية ...

هذه جملة إنجازات مع غيرها قد تحققت في" موريتانيا الجديدة "، لكن الشيء الذي أود أن أعالجه هنا والمحير بالنسبة لي هو إبعاد النساء من وظيفة الاستشارية لرئيس الجمهورية ...!!

ففي الآونة الأخيرة ومنذ قرابة سنة أصبح القصر الرئاسي حلبة لتعينات رجالية بامتياز فمنهم الفقهاء والشعراء والدكاترة ورموز القبائل ورؤساء الأحزاب السياسية والمؤلفة قلوبهم ...!!!.

هكذا أصبح القصر الرئاسي مكتظا بكوكبة من الأخوة الرجال الذين لا شك أنهم أكفاء... في ظل غياب تام لعنصر نسائي واحد ، وإذا حاولنا تحليلا لهذا الإبعاد الذي يستهدف النساء ويبعدهم عن التشريف من مهمة رئاسية ذات دلالة ومعنى نجد أن الأمر- ربما - له علاقة بثقافة يختزنها للاوعي في نظرة المجتمع العربي لمشورة النساء ، ففي الثقافة التي سيطرت في عصور الانحطاط تم التأسيس لبعض الأمثال التي تتنافى مع صريح عمل الرسول صلى الله عليه وسلم في مشورته لأم المؤمنين أم مسلمة في قصة صلح الحديبية المشهورة ، وكان رأيها خيرا وبركة على المسلمين وقد أخذ به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفي قصة بلقيس التي أوردها لنا القرآن الكريم حيث كانت تلك السيدة أكثر حكمة ودهاء من مجلسها الرجالي بكثير ...!!.

لكن الثقافة المزورة والمقنعة قد اتخذت طريقا مختلفا حين ما صاغوا مثلا يقول: " شاوروهن وخالفوهن " واتخذ المجتمع البيظاني في تكيفه النادر مع ثقافة الإقصاء تلك الأمثله الخاصة عندما قالوا : " أراي امرأة "ويعني ذلك قمة الشؤم والابتذال في مشورة النساء ...!!.

إنني أربأ بالسيد رئيس الجمهورية الذي أختاره الشعب الموريتاني وخاصة شرائحه الفقيرة والمهمشة - وتلك لاشك أنها وكر النساء ضحايا ظلم التميز..- أنه عن قصد جعل مجلسه الاستشاري حكرا على الرجال دون النساء ، وهو الذي حمل مهمة الدفاع عن المحرومين والفقراء وتوعد لموريتانيا بقطع شوط مع ممارسات الماضي وأعطى أولويته للنساء والشباب ، وعبد للنساء الطريق وأعطاهم أوامر الانطلاقة بقوله في خطاب نواذيب : " إلى الأمام النساء .." .

لكن الشيء الذي يبعث للعجب هو لماذا أبعدت النساء عن منصب مستشار رئيس الجمهورية في فترة تضاعفت أعداد السادة المستشارين هل الأمر عائد لعدم صلاحية النساء لهذا المنصب ؟ أم أن الأمر يتعلق بسيطرة المخزون الثقافي الذي اختزنته الذهنية العامة عندنا كمجتمع ذكوري ...؟؟

إن كتابتي لهذه السطور جاءت بعد انقطاع عن الكتابة في الشأن السياسي نظرا لهيمنة القضية الاجتماعية على اهتمامي، ومحاربة الثقافة المقنعة والمزورة التي ضربت بأطنابها في ذهنيتنا ، لكن قضية إبعاد النساء من هذا المنصب السيادي قد أرقتني منذ بعض الوقت، فأردت التذكير لعل وعسى أن تشرك المرأة في مهمة الاستشارة فنحظى ببركة مشورة النساء ، ونكسر وهم تلك النظرة التي تعود أصولها لوثنية عرب الجاهلية ...!!

ففي ألمانيا الحالية أثبتت السيدة المستشارة " أنجيلا ميركل " التي تولت منصب المستشار الألماني سنة 2005 قدرتها على الحنكة والدهاء فجنبت حكومتها وشعبها الأزمة المالية التي عصفت بالدول الأوربية ، فكانت بذلك أكثر حكمة وتوفيقا من نظرائها الرجال ...!!!

لا شك أن الإرادة الجادة للسيد رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز قد بددت بعض المخاوف ...!! لكن خلو القصر الرئاسي من العنصر النسائي أمر يبعث للتساؤل الممزوج بالود عندما نقول : لماذا استشارتك حكرا على الرجل ...؟؟؟.

يا سيادة الرئيس ...!!!!

 

29. أبريل 2013 - 7:02

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا