كيف نجمع بين الإسلام ونحن نمارس اللعبة الديمقراطية / محمدّو بن البار

فبما أننا ولله الحمد شعب مسلم يكون هذا السؤال مطروحا علي كل واحد منا ما زال حيا ، وذلك للحقائق التالية:
أولا: نحن كما نشاهد أنفسنا جئنا لحياتنا هذه من غير إرادتنا ولمدة مهما طالت فهي قصيرة بالنسبة لوجودنا في الدنيا.
ثانيا: قرأنا في القرآن الذي أنزله ربنا علي رسوله ليبلغهلنا وفعل وهو  بالنسبة لنا هو الصفحة الكاشفة عن مصيرنا في الدنيا والآخرة، ونتيجة هذه الحياة الدنيوية والأخروية لا يعلمها إلا الله، فما هو موجود منها في الدنيا شاهدناه كله بأم أعيننا مثل كيفية تكوين خلقنا ومدته في أرحام أمهاتنا وعدم توقيت خروجنا من الدنيا بعد الميلاد فيها، مع حتمية هذا الخروج الذي لو طال لا يتجاوز سنين معدودة من الدنيا، كما قرأنا في القرآن وشاهدنا وقوعه كما هو.
ثالثا: هذه المدة  التيقرأنا في قرآننا ما هو واقع من ما لا نشاهده ونحن نتيقنه مثل تيقننا لما شاهدناه مثل ضعفنا عند ساعة ميلادنا وكيف ننمو، وكل أطوارنا أثناء النمو من الشيب وتتابع ضعف أجسامنا إيذانا بانتهاء هذه الحياة في وقتها إن لم يكن بطوارئ فهو بانتهاء مدتنا المحسوبة في الدنيا.
هذه الحقائق المشاهد وقوعها كما هي مسطرة في القرآن مكتوب معها في القرآن حقائق أخرى لا نشاهدها ولكن الله افترض أن المسلم لا يكون مسلما إلا إذا تيقن وقوع ما جاء في القرآن من ما لا نشاهده ولو هو موجود معنا بالفعل طبعا لما يجري في الكون من ما لا نشاهد، فالله يقول لنا: (( إن كنتم مؤقنين، ,,ولقوم يوقنون،،،)) أما أهل الشك أو الأعراض عن أحكام الله فعندهم وعيد مقروء، اما  ما لا نشاهده لأن أجل وقوعه محدد يبدأ من ساعة الموت المحقق إلي حين الاستقرار النهائي إما في جنة عرضها السموات والأرض وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين والخلود فيها أبدي، وإما في نار جهنم مخلدون  فيها لا يقضي عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها إلي آخر أوصاف ساكني الجنة وساكني النار المتكرر تفصيلهما في القرآن.
ومن هنا نبدأ شرح ما سيلقانا في حياتنا من ما لا نشاهده ولكن وجوده الفعلي بكيفيته الحاصل بها الموجودة في القرآن هي نفس كيفية الموجود معنا من حياتنا ونشاهده بالفعل من أي قدرة علي تغييره.
وهذه بعض تفاصيله التي تعين علي جميع التفاصيل الدقيقة المفهومة من قراءة الآيات القرآنية:
من هذه التفاصيل وجود ملائكة تلازم كل من خلقه الله فسيجدها تبدأ عملها فيه من وقتها المحدد لها احصاء كل حرف نطق به خيرا أو شرا كذلك يقول تعالي:{{ إن كل نفس لما عليها حافظ}}{{وإن عليكم  لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون}}.
هذه الكتابة تختم مع ختم الحياة ومحفظتها التي تحفظ فيها هي نفس صاحبها: {{وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه}} كحفظ روحه التي انتهي دورها بانتهاء حياته الدنيا لتبدأ لكل إنسان روح وجسم ينطبق عليهما ما سيحكم الله به عليهما عند بداية الآخرة، وعندما نعود إلى قرآننا وهو الوحيد الموجود فيه الخطوط العريضة لكيفية محاكمتنا على ضوء ما كتبه الحفظة عنا، فسنجد أن قانون محاكمتنا نصوصه هي الموجودة في القرآن قبل ميلادنا ووجدناها أمامنا يقول فيها المولي عز وجل: {{اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء}} {{فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا}} {{ألم يأتكم رسل منكم يتلون  عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا}} {{ولقد جئناهم بكتاب فصلناه علي علم}} {{أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلي عليهم}} إلي آخر ما جاء في القرآن من الآيات القرآنية ( أي مواد المحاكمة المعقودة بين الله والإنسان ساعة المحاكمة ).
 فلا مواد دستورية دنيوية موضوعة آنذاك ولا قوانين ديمقراطية تنظم بها فترة من حياة المسلم يقول تعالي:{{قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين}} وعندئذ تتكشف اتجاهات الإنسان في الدنيا منهم من يريد الدنيا ومنهم من يريد الآخرة يقول تعالي:{{ وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيئين والشهداء وقضي بينهم بالحق}}.
وتبدأ المحاكمة فتقول سلطة الحق وليست مجرد سلطة اتهام :{{هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون}} {{أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلي ورسلنا لديهم يكتبون}}.
وفي تلك الساعة تنشر الأعمال وليست وثيقة الاتهام بل هي النصوص التي يدان عليها إن خيرا فخير وإن شرا فشر يقول تعالي :{{ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر بل الإنسان علي نفسه بصيرة ولو ألقي معاذيره}} {{فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}}.
وهنا نلاحظ لفظ الإنسان المعبر عن الجنس وليس النوع، فالإنسان هنا رجل أو امرأة أو شاب أو شيخ، وهنا تستنطق الشهود وهم هنا أحسن البينة وهو إقرار المرء علي نفسه :{{يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون}}، ومن معاذير الإنسان جوابه لقوله تعالي:{{وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه ءاباءنا أولو كان الشيطان يدعوهم إلي عذاب السعير}}.
فالله قال هنا أن من اتبع عمل الآباء المنحرف عن الطريق المستقيم فالمتبع الشيطان وليس  الآباء، وإذا كان وصف تتبع الآباء بتتبع الشيطان فما بالك بتتبع عمل أعداء الله وسلوكهم في تسيير حياة المسلمين والرسول صلي اله عليه وسلم يقول تحذيرا (( ستتبعون سنن من قبلكم )) وبين أنهم اليهود والنصاري، فعلي كل مسلم اتخذ الديمقراطية حياة له دون انتزاع قواعدها وجعل النصوص الإسلامية مكانها من تحريم دماء الناس وأعراضها وأموالها كما في الحديث إلي آخر التشريع الذي يحكم حياة المسلمين فيما بينهم طبقا لنصوص الإسلام.
ومن المؤسف أن بعض العلماء بدلا من أن يتكلم علي موقف الشرع من الديمقراطية بالحرية الذي يبدأ بنية الفعل التي تجدد جهته – يقوم بالفتوى في التزوير في الديمقراطية أو عدم العهد فيها إلى آخرهحتى يخيل للمسلم ان مبداها جائز
 مع ان ظاهرها أنها كالخمر شاربه وحامله والوسيط فيه كلهم آثمون بتلك المشاركة.
ومثل هؤلاء المنادي في الديمقراطية بالحرية وحقوق الإنسان وغيرها من التشريع الجديد، فالحرية وحقوق الإنسان وغيرها حدد الله موقعهما في الإسلام، ولا ينفع هؤلاء أنهم يحفظون كثيرا من النصوص الشرعية فالله يصف بعضمن أضله الله علي علم.
والخطر المحدق بهؤلاء في الإسلام بأن الإسلام نص أن فعل جميع الموبقات والكبائر إلي آخره يقبل الله توبة من تاب منه، أما الديمقراطية فينطبق عليها قوله تعالي:{{ أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء}} إلي آخر الآيات{{ فلا يتوبون ولا هم يذكرون}}،  ولاسيما من اتكل علي فتوى العلماء عليها با لتحسين لها داخل العمل فيها وهي تنقصها نية امتثال أوامر الله في أصلها.
وليس معني هذا الهروب من المشاركة في إنجاح من يخاف الله في نفسه من تسيير شؤون المسلمين ومظنة انه سيعدل بينهم ولم يستطع ارجاع الكبراء عن العمل بها واتخاذها كأنها نازلة من الله، فذلك شبهه الله بعمل المنافق يحسب الذنوب مثل ذبابة نزلتعلي أنفه فعمل لها هكذا.
وأخيرا يقول تعالي:{{ أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير}}.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

12. مايو 2023 - 9:06

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا