دكار يعيد نفسه / مختار نافع حبيب

 مختار نافع حبيبعندما تستمع إلى قادة المعارضة الموريتانية وهم يسردون "خدعة دكار2009" تنتابك موجة عجب كيف قبل هؤلاء الناس هذه الخدعة "وهم ينظرون" حتى لا تجد لذلك تفسيرا غير المقولة: "إذا جاء القدر عمي السمع والبصر" فهذا الاتفاق كما يكرر هؤلاء القادة يقضي بدخول حملة نصف شهر مع رئيس يخوض الحملة منذ سنة ويستغل فيها كل موارد الدولة،

وهو يقضي بالمشاركة في حكومة لن يتجاوز عملها النداء لهذه الحملة والإشراف عليها مدة قصيرة ذهب جزء هام منها في تقاسم المعارضة لحفنة المقاعد التي خصصت لها في هذه الحكومة..إلى بقية الظروف غير المواتية التي سارت فيها المعارضة إلى الاتفاق لأسباب غير معروفة.

لكن ذلك العجب يتحول إلى مجرد نكتة حين تتابع السير الحثيث لهؤلاء السادة إلى نفس الجحر ليسلموا أرجلهم طواعية إلى "أفاعيه" تدلغهم في سخرية!!

النضال المتذبذب فقد خاضت معارضة انقلاب 2008 نضالا كبيرا استمر إلى ما قبيل اتفاق دكار ولكنها لم تحسن استثماره لتعطشها للخروج منه، وهي ما يجري حاليا بأشد وأبلغ فمعارضتنا اليوم ألقت بسلاحها حتى قبل أن ترى لدى الطرف الآخر أي بوادر لقبول الحوار والشراكة.

وليت الأمر كان تكتيكا جيدا في المراوحة بين التصعيد والتهدئة حتى يكون وضعا للين في موضعه والشدة في محلها، لكنه للأسف لم يكن كذلك بل رفعت المعارضة من سقف تصعيدها حتى "سماء الترحيل" ثم توقفت لسبب ظل غير مفهوم إلى أن خرج منظرو هذه المعارضة ليقولوا إنه كان "استجماما فكريا" لكن هذا الاستجمام والتأمل لم يقد "رهبانه" إلى اكتشاف أن قانون الجاذبية يقول إن "التوقف ممنوع في السماء" وأن "قانون التعالي على الجاذبية" يقول إن "النوابغ" يمكن لهم أن يبغوا "فوق ذلك مظهرا"

حملة سابقة لأوانها..و"حلمة" متأخرة عنه

من زاوية أخرى تتوافق الحالة الآن فيما يتعلق بـ"الحملة السابقة لأوانها" مع ما كان عليه الأمر قبل اتفاق دكار الأول-من الآن علينا الاقتناع أن دكارا ثانيا آت لا محالة - فالنظام بدأ منذ أن حسم أمره بتحديد وقت الانتخابات في حملة توزيع للمواد الغذائية والمبالغ النقدية في عدد من الأحياء الشعبية بواسطة مفوضية الأمن الغذائي وبطريقة لا يحكمها أي معيار عدا السعي لخلق شعبية بين صفوف المحتاجين واستغلال ظروفهم المعيشية الصعبة.

ومع أن هذا الحملة واضحة للعيان في هذه الأحياء وكتب عنها الإعلام فإننا لم نر المعارضة مهتمة بحملة سابقة لأوانها ولا أخرى متأخرة عنه، وإنما هم مشتتون ذهنيا وعمليا بين طلب "شروط توافقية" للانتخابات لا يعرفون أيستجيب لها النظام؟ وبين السعي للخروج من حالة نضال مرهقة يريدون الانخلاع منها بأي ثمن

احويكيمت 18 يوم!!

من بين المؤهلات القليلة التي حققت لولد عبد العزيز طموح الزعامة: الصلابة والعناد (يحمل دكتوراه في هذا الاختصاص كما مبارك) وقد تجلى ذلك في اتفاق دكار في إصراره حتى آخر لحظة على ما يريد وهو أمر يفيد من بيده السلطة والفرص ولذلك أضاع الزمن على المعارضة وجرهم إلى التوقيت المناسب له، وهذا ما أرى انه سيقع في "دكار الثاني" فالنظام حدد توقيت انتخاباته كما فعل في 6/6 وبدأ في الاستعداد لذلك (خطوات كثيرة ومتسارعة من بينها إنشاء وكالات ولقاءات سياسية و تصالح مع أطراف مخاصمة وربما دخول حروب خارجية) وهو على ما يبدوا لا يريد الإصغاء للمعارضة حتى يقترب أجل هذه الانتخابات ليكرر معها نفس اللعبة ويشركها في حكومة قصيرة العمر (مثل "احويكيمت 18 يوم" كما كان عزيز يصف حكومة اتفاق دكار!) تضمن له تشريع المعارضة للانتخابات البرلمانية وربما الرئاسية (فقد يقرر النظام إجراء انتخابات رئاسية مبكرة نظرا لقرب الرئاسيات وجرا للمعارضة إلى توقيت لا يلائمها)

بالمقابل تكرر المعارضة نفس الخطوات السابقة: قبول المفاوضات في الوقت الذي لا يزال النظام يقوض أسسها، والتعنت على مطالب عالية السقوف فترة طويلة، ثم التخلي عنها في آخر لحظة والقبول بتوقيت النظام وشروطه وتكتيكاته.

فاصلة،،،

لولا أن رب العباد يقول "ما كان للنبيئ والذين آمنوا معه أن يستغفروا للمشركين لقلتها بنداء مخبت: يرحمك الله يا بن الصمة يوم تقول:

أمرتهم أمري بمنعرج اللوى***فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد

2. مايو 2013 - 0:34

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا