لا ينكر إلا مزايد بأن الأمور في موربتانيا منفلتة وبأن هيبة الدولة تلاشت ولم تعد تسري قوانينها إلا على الضعفاء أو على مناطق الفرائس الذين تعودت الدولة جبايتهم عبر الأحقاب ولعل الاحتواء القبلي للدولة الموريتانية قد أطلق العنان للقبائل كي تصول وتجول ناخرة الدولة ومكبلة لطاقاتها وطاقات الآخرين عبر افراغها في متاهة الشر وفي العراك الذي يقصم ظهر بعير التنمية والوحدة الوطنية.
وإذا كانت الدولة الموريتانية قد مرت ببعض المحاولات الخجولة من تذويب القبيلة إبان حكم المختار ولد داداه فإن صعود العسكريين إ لى الحكم قد فتح نوافذ وأبواب الدولة لعودة القبيلة. وإذا كان النظام اليوم يوثق عرى التحالف القبلي العسكري وتشد أزرهما بالتحالف مع رجال الأعمال المقربين الجدد فإن هذه العرى في الغد سينفرط عقد تحالفها لأنها تزاول سياسات سيكون رد فعلها هو الثورة الشعبية التي لا تبقي ولا تذر .
إن النخب المثقفة ترفض القبيلة في وعيها ولكنها لم تقترب من تحليل وتفكيك البنى القبلية ودورها الواقعي بل اكتفت بكشطها من قائمة وعيها لتجد نفسها مصدومة بها صبح مساء.
إن حضور القبيلة جلي في الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية وتجاوز حضور الدولة في بعض الأحيان والأماكن بل إن الدولة تفني نفسها حبا للقبيلة كفناء المتصوفة بل وصل العرف القبلي إلى ذروة السلطة التنفيذية والتشريعية وجرى مجرى الدم في شرايين الحياة السياسية في البلد,
الدولة الهشة الراهنة نفخت بهشاشتها عضلات القبيلة التي حضرت لتحل محل الدولة التي صارت محطة ترانزيت لاقلاع القبائل التي لا تعترف بالدولة إلا كسياج وقائي لتصرفاتها التي في الغالب يغلب عليها طابع الرعونة كما وقع في الأيام الأخيرة في عرفات الذي كاد يصل إلي حرب قبيلية تعيدنا إلي أيام (أهل إفلان إطيح أعل أهل إفلان )
وهو مانشهده أيضا في هذه الآونةمن إجتماعات قبلية واسعت النطاق من دون ان يعيرو للدولة أو الوحدة الوطنية أي اهتمام مبرزين عودة القبيلة بشكل أكبر, والأمثلة كثيرة.....
وصارت الهوية القبلية مخزونا احتياطيا لهوية النظام الذي يرتبط بعلاقة جدلية مع القبيلة لدرجة استمرار الحبل السري الرابط بينهم
فالتعينات للقبيلة دور كبير فيها, كماإن للقبيلة دور في إستمرار النظام (الإنتخابات)
لقد اخفقت كافة المشاريع الهادفة لإنشاء دولة , وفشل مشروع وترويض الوحش القبلي الكاسر لتجد الدولة نفسها بدلا من احتوائها القبيلة محتواة تماما
إلي متي ؟.
أين تلوح بوادر المستقبل؟
الإجابة ليست عند دعاة المجتمع المدني الغائب والمغيب أو النخبة أوالسياسيين وإنما عند شيوخ القبائل الخبر اليقين.
مولاي ولد الغوث