يوما بعد يوم يتضح لي زيف المباديء التي ترفعها الأحزاب السياسية "الوطنية".
يوما بعد يوم تثبت هذه الأحزاب و بدون إستثناء عظم نفاقها , و زيغ سعيها .
يوما بعد يوم تثبت هذه الأحزاب فرديتها , وضعف بنيتها الجمعية و الجماعية.
يوما بعد يوم تنسلخ هذه الأحزاب من إنسانيتها , و تنحدر نحو الحضيض .
إن أحزابنا - للأسف - مازالت تعيش حالات من الإختلاف في الشعارات توحدها الأطماع , والتدافع , والخيانة والبراجماتية العمياء , فمن بين هذه الأحزاب من يدعي التدين , دون أن يكون لأخلاق الدين دور في تعامله مع الآخر , ومنهم من يدعي العلمانية في حين أنه لا يعرف من العلمانية إلا كفر النعم . و لا تزال أيدي الفساد تضرب بعصي من حديد في صميم هذا الكائن الصغير المسمى موريتانيا , فمن مصارعات الثيران إلى تجاذبات الثعبان من طوائف أصبحت تريد العلو في الأرض و مطاولة الجبال.
لقد ظل المجتمع الموريتاني كأي مجتمع آخر , رهن التخلف و البداوة ردحا من الزمن حتم عليه تنظيم شؤونه ضمن دائرة التعايش , و إن كان ذالك التنظيم ليس مثاليا بالمرة , إلا أنه استطاع أن يوصل الجميع إلى ما نحن عليه اليوم من ندية بادية بين جميع إفراد المجتمع , حيث لم تعد هناك تلك التراتبية إلا على شكل بقايا متناثرة هنا وهناك , لكن البعض وخاصة أولئك الذين شيبت ثقافتهم بالإنفصام , فبدل أن يسيروا إلى الأمام و يتطلعوا إلى مستقبل مشرق آثروا النكوص والعدو إلى الوراء , ونبش القبور مدججين بعقد نفسية لا تبقي ولا تذر.
و مما زاد المرضى وهما و صفاقة, تنظيرات أولئك السياسيين الفارغة من المحتوى والتي تحمل ماركات مفبركة دينية تارة و علمانية تارة أخرى , وعلى شاشات التلفزيون و أمام العالم كله , لا يمل هؤلاء المتسيسون والمتطيفون المتلونون من قرع طبول الحرب الأهلية ودق ناقوس الفتنة , والتلويح بما لا يفهمون مآلاته , وكأنهم بالفعل فصلوا أنفسهم كبعض عن الكل, الذي شاءت الأقدار أن لا غنى لأي منه عن الآخر كصيرورة للتاريخ يؤطرها منطق التفاوت في اللون و اللسان والنسب كقانون من قوانين الطبيعة , و حكمة إلاهية يمتحن الجميع فيها بالقبول والرفض , والخضوع و التذمر .
إن طبقتنا المتسيسة - العمياء, العرجاء ,الخرقاء - عبارة عن فضلات لقشور سياسة العالم المتحضر , تضرب الأمثال بالحضارة في أقوالها , وتروم التخلف والتبعية و الإنحطاط في أدائها . حفنة من المتسكعين على قوارع الفتنة والحمية , فشلوا في التأثير فتأثروا , يلعبون بالنار على أبواب جهنم , ديدنهم مغالطة الناس بخدع , تارة صوتية , وتارة أخرى بصرية , ثم لا يلبثوا أن ينكفؤوا على أعقابهم يعوذ بعضهم بعشيره من البعض , ثم يكفرون العشير.
إن لموريتانيا أبناء لا يزالون قادرين على بناءها وحماية حماها , يعملون باليل و النهار خلف ستر القناعة و اليقين بخيرية اللقمة الحلال , بعيدا عن الأضواء و مكبرات الصوت , و لسوف يخرجون البلاد من ظلمة الليل البهيم , في هدوء المصلح وسكينة المؤمن بالله الواثق بدينه ,
بقلم : الأستاذ : حمزه ول محفوظ المبارك ول ينج بتاريخ: 04-05-2013