انها العودة إذن الي الماضي في التاريخ ، حيث تنبعث هناك رائحة الظّلم
،والقهر...! ولكنه الذهاب ايضا الي المستقبل بخطي ثابتة ومتمكنة بعناق بين بياض العين وسوادها حتي تتمكن من رؤية مستقبل موريتانيا موحدة بوضوح وشفافيّة....!
ذلك هوّ ما شهدنا منذ أيام في دار الشّباب القديمة عن العبودية ومخلفاتها التاريخية المقيتة التي يجب ان نعترف بمرارة فصولها كاملة ،قدميها ، وحديثها ! اجتمع "لحراطين" اذن في وضح النهار ،جهارا نهارا لأول مرة في التاريخ الموريتاني ويتحدثون بحرية عن الماضي والمستقبل دون وجل ولاحياء! ورغم طابع هذا الاجتماع العرقي الذي خصّت به ابناء الشريحة مجتمعة تحت سقف واحد ، كان لتنوّع الحاضرين واختلاف مشاربهم السياسية سمة خاصة وبارزة ،ومطمئنة احيانا لكل اطراف الطيف السياسي المسيطر علي الساحة بما فيها اقصي اليمين واقصي اليسار وكافة شرائح والوسط.! الجميع اذن يتحدث بأريحية بالغة. فلم تكن موريتانيا هي الدولة الوحيدة من دول العالم التي كانت فيها العبودية، فلقد عرفت العبودية في جميع انحاء العالم و عبر تاريخ البشرية. ففي مصر بنى ما يسمي انذاك ب"طبقة العبيد" الاهرامات المصرية القديمة، وكانت ركائز الحضارة الفرعونية، كما ظلت العبودية معروفة الي وقت قريب في القارة العجور والأمريكيتين ، والهند التي عرفت فيها فئات لا يحق لها التملك. واما في قارتنا السمراء ، فحدث ولا حرج حيث كانت هذه القارّة أما لمعظم العبيد في العالم وكان ابناءها من اهم البناة الحقيقيين لحضارات نراها اليوم تتألق في سماء الحرية والتطور. وفي امريكا التي تم اكتشافها في القرن الخامس عشر ظل جلب العبيد من افريقيا متواصلا علي مدى اربع مئة سنة ، ونشهد اليوم اثار تلك الفترة التاريخية معاشة ومحسوسة في جزيرة "غوريه" وحتي في وصول أصول إفريقية وصلت الي البيت الابيض مجسدة في اهم شخصيّة امريكية هي شخص الرئيس اباما لان. ان الهدف الأسمي عندنا اليوم هو العمل من أجل القضاء على مخلّفات العبودية في بلادنا بشكل متحضّر ودائم وكواجب علي الامة ككل..! ، ولاكنه لا يخص الدولة الموريتانية وحدها دون مشاركة كافة القوي الفاعلة من العلماء والمثقفين واصحاب الرأي المفكرين والكتاب. لقد سبب الظلم البواح، والجهل الفاضح واحتكار التعليم ، مخلفات لا يمكن ان نتغاضى عنها دون ان نبحث لها عن حلول، ولا يمكننا ان نعالج واقعا قائما دون ان نعرّج بالعلاج الأصلي علي حيثيّاته النفسية والاخلاقية والفكرية التي تراكمت في سلته الفكر الاجتماعي عند مجتمع "البيظان "منذ مئاة السنين وسببت لب مشكلتنا المعاصرة. ان سوء الاستغلال والتجاذبات المقنعة بالتّسيس ، و المزايدات المركّزة لأهداف النفعية ، و التنكر للمجهودات المبذولة في بناء مستقبل واعد ، قائم على العدل و المساوات واحترام الاخر وتقديس جسم الأمة الموريتانية أولا ،والذي هو شرط نتائج ذات مصداقية علي مستوي الضمير الوطني المتماسك بطبعه ، تماسك أواصر الدّين والقربي والأرحام التي نسجت بين افراد المجتمع الموريتاني والذي يعرف تمام المعرفة أن العبودية اليوم في بلادنا لا وجود لها شـــرعا ،ولا قانونا ..فوق تراب الجمهورية الاسلامية الموريتانية ولا تحت فضائها الاقليمي بشكل عام. لكن الموجود هو مخلّفات حقب زمنية ولّدت واقعا يجب أن نتحرك جميعا للقضاء علي اثاره. وما شريحة "لمعلمين" الي من الشرائح التي شهد الجميع عبر ا التاريخ علي انها عانت وما تزال تعاني من ظلم النظرة الدونية والإزدرائية البغيضة في اماكن متعددة من الوطن الموريتاني ، واعترف اني ككاتب وصحفي ،وكشاعر، وكسياسي لا اجد مكان اري فيه ذاتي واستطيع ان ابدع في وطني حتي هذه اللحظة التي اكتب فيها هذا المقال والذي أؤمن انني اتسبب له في الكثير من الرفض والحرج عندما أوقعه بإسمي صدّق او لا تصدّق انها "الحقيقة" ولكنها مرة. .. ! ان جل لمعلمين يرون انهم ليسوا اقل معاناتا ولا ظلما من شريحة" لحراطين" ذلك ان اغلي ما يملك الانسان الموريتاني هوّ كرامته، واذا ما فقد الكرامة في وطنه لأسباب لا دخل له فيها اوهي اقرب الي ان تكون اسبابا وراثية بالمعني الجيني ، عندها نتصور حجم المعانات.. أن "علماء التّدين" :هم سبب هذه المشكلة ونقصد بالتدين :تديّن تديّنا :أي تفعّل تفعّلا : والتّفعل بإسم الدين ،وهو شكل من اشكال النفاق كان منتشرا جدا في اسلاف بعض المتشدقين بالدين في بلادنا للأسف ، فهم من سبب كل هذه الاثار السلبية اليوم ، عبر التاريخ لشريحة "لحراطين" والشرائح الأخرى وكان لهم الدور الكبير في ترسيخ الرّق ومخلفاته وترسيخ الجهل ومخلفاته وترسيخ ظلم للمعلمين ومخلفاته. وكان دورهم بارزا في تحويل الخرافة الي عقيدة عند المجتمع الموريتاني أي عند "ضعفاء العقول" كما كانوا يسمون العامة ك(لا تشتري العبد الي والعصي معه)وكمقولهم ( لا خير في الحداد ولوكان عالما) وغيره.....! واليوم علي علماء الدّين المخلصين لهذا الوطن ان يتبنّوا مشروع مجتمع واحد وتكون الدولة حاضرة من خلال صندوق لدعم الطبقات الهشة لتزاوج بين طبقات المجتمع حتي تذوب الفوارق لقد انفقت الجمهورية الاسلامية في ايران مليارات الدولارات علي صندوق الحب ونجحت بأنشاء مجتمع متماسك انني ادعوا الي عرس مجتمعي بين مئة شاب شابة من مختف الأجناس والألوان لوأد الطبقية في قصر المؤتمرات في مساء مشهود كما شهدنا يوما ميثاق "لحراطين" وتضامنه مع فئة لمعلمين.