بيـــان
تابعت الحركة الشعبية التقدمية باهتمام بالغ الأحداث الأمنية المؤسفة التي اندلعت إثر وفاة الشاب عمر جوب يوم 29 مايو المنصرم، في نواكشوط وسط روايات متباينة لظروف تلك الوفاة، وقد أدت تفاعلات تلك الأحداث إلى وفاة مواطن آخر هو محمد الأمين صمب بطلق ناري خلال التحام المتظاهرين بعناصر مفوضية الشرطة بمدينة بوكي، تغمد الله الفقيدين برحمته الواسعة وأدخلهما فسيح جناته، وألهم أسرهم جميل الصبر والسلوان، وقد تداخل خلال هذه الأحداث، الاحتجاج العفوي المشروع الهادف لمعرفة ظروف وملابسات وفاة الشاب، على خلفية الخوف المتزايد من كل عملية توقيف بمفوضيات الشرطة بعد حادثة تصفية الصوفي ولد الشيباني الأخيرة بمفوضية دار النعيم، وما تختزنه الذاكرة الجمعية الوطنية من اغتيالات خارج القانون داخل مخافر الشرطة، تداخل كل ذلك مع خطابات عنصرية مقيتة، أخرجت تلك الاحتجاجات السلمية من سياقها الوطني الشامل، لتتحول إلى موجة اعتداءات على بعض المرافق العمومية وتخريب أعمى للممتلكات العامة والخاصة، لذلك ونظرا لاختلاط الأوراق خلال هذه الأحداث، فقد آثر الحزب التريث في إبداء مواقفه منها، بانتظار صدور نتائج التقارير الطبية، وحتى لا يختلط تناولها مع حالة الاحتقان السياسي، التي أعقبت ظهور نتائج انتخابات 13 مايو، فبالإضافة إلى تغييب العديد من الأحزاب السياسية المستوفية للشروط القانونية من المشاركة في تلك الانتخابات، بمنعها من الحصول على تراخيص، أصدرت جل الأحزاب السياسية التي شاركت فيها، معارضة وموالاة، بيانات تؤكد رفضها لنتائجها جملة وتفصيلا، ومطالبتها بإعادتها، الأمر الذي استدعى هو الآخر انتظار معرفة مآلات ذلك الرفض، ونتائج مساعي الأحزاب مع الحكومة لمعالجة ما لوحظ من خروقات وأخطاء خلال الانتخابات الأخيرة.
اعتبارا لما سبق وتأسيسا عليه، فإن الحركة الشعبية التقدمية تقدم فيما يلي مواقفها من الأحداث الأمنية الأخيرة ومساهمتها في مساعي تجاوز حالة الاحتقان السياسي الحالية وتصحيح الإطار العام للانتخابات:
أولا بشأن الأوضاع الأمنية الأخيرة:
- يرفع الحزب خالص التعازي والمواساة لأسرتي المغفور لهما عمر جوب ومحمد الأمين صمب راجيا من الله العلي القدير أن يتغمدهما بواسع رحمته ويدخلهما فسيح جناته ويلهم الجميع الصبر والسلوان.
- يدعو الحكومة إلى الإسراع باتخاذ ما يلزم لضمان احترام المسطرة القانونية لتوقيف واحتجاز المشتبهين داخل مخافر الأجهزة الأمنية، من جهة، ولضرورات التصدي الفعال من طرف هذه الأجهزة لكافة أشكال الجريمة، من جهة ثانية، وتسريع المعالجة القضائية لكل الملفات المتعلقة بحالات الوفاة، التي تحدث أثناء توقيف الأجهزة الأمنية أو خلال تصديها لأعمال الشغب، لتتحقق العدالة ويطمئن الجميع.
- يؤكد على حرية الاحتجاج والتظاهر السلمي المنظم للمطالبة برفع المظالم ونيل الحقوق.
- يدين بشدة كل أشكال التخريب والاعتداء على المرافق العمومية والممتلكات الخصوصية وكل الخطابات العنصرية التقسيمية، ويطالب الحكومة بإحالة كل من يشارك في تهديد الأمن والسكينة العامة إلى القضاء لنيل الجزاء الأوفى.
ثانيا بخصوص الوضع السياسي الحالي:
- يذكر الحزب الحكومة بضرورة ترخيص الأحزاب السياسية المستوفية للشروط القانونية، وبلزوم مواصلة العمل مع كل الأحزاب السياسية على إيجاد حل مرضي للشكاوى المتعلقة بالانتخابات الأخيرة، اعتبارا لما نتج عنها من استياء وتصدعات داخل النسيج الاجتماعي على عموم التراب الوطني، لضمان الحد الأدنى من الاستقرار.
- يدعو الأحزاب السياسية الوطنية للدخول في حوار مفتوح من أجل الاتفاق على منظومة انتخابية جديدة، تعمل مع الحكومة على إقرارها، تضمن على وجه الخصوص:
• مراجعة شاملة للنصوص المنظمة لكل المؤسسات المنتخبة.
• تشكيل آلية وطنية مستقلة تماما عن الأحزاب السياسية للإشراف على الانتخابات، تعتمد على آخر التقنيات المعلوماتية في تنظيم هذا المجال.
• تنظيم الاقتراعات البلدية والجهوية والنيابية بشكل منفصل، تسهيلا لاختيار المواطن.
• تجريم كل عمليات الترهيب والترغيب الهادفة لتزييف إرادة الناخبين.
• تجريم استغلال الدعايات القبلية والفئوية والعنصرية في الخطاب السياسي.
• مراقبة الانفاق على الحملات لمنع اتخاذها وسيلة لتبييض أموال مشبوهة المصدر.
• العمل على اعتماد آلية وطنية للرقابة على الانتخابات،
إن على الجميع اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أن يعمل معا على تجنب كل ما من شأنه أن يعرض وحدة الشعب الموريتاني لهزات أخرى، وأن يقتنع أن النضال الحقيقي، يجب أن يتم باسم الجميع، ولأجل بناء موريتانيا واحدة وموحدة.
نواكشوط 12 يونيو 2023