إن السياسة التي تتخذها الحكومة في موريتانيا تحت شعار " خطة أمل 2012" لمساعدة الفقراء وللحد من آثار الجفاف المستشري في كل ركن من الوطن المقهور ويعشعش في كل بريق أمل يشع من براءة عيون طفل ويرتسم على سحنة وجه كئيب لشخص لم يتعلم في الحياة سوى أن يكون صبورا كالجمل...
مشروع "أمل" أو مبادرة "أمل" أو لتسميها ماشئت قد فشلت وقتلت الأمل في النفوس وعلمت الصابرين والقانعين بأن التسول عند الدولة هو الحل الوحيد للعيش وأن إنتظار تقطير جرعة "أمل" منتهية الصلاحية من ايادي العسكر وحكومتهم هي إكسير الحياة ...
هذا النوع من الخطط الإرتجالية لايفيد ولايسمن ولا يغني من جوع...أين كرامة المواطن التي تراهن عليها الكحومات والسياسيين؟ أم ان الشعوب التي لاتفهم ان لها حقوقا تتنتزع لاتستحق أن تمنح تلك الحقوق...
نحن شعب يشبه "الكمون" في ضآلة الطموح وبساطة المطالب، فالكمون، حسب المخيلة الشعبية الموريتانية، يكفيه الوعد بالسقي ليخضر وينتعش من جديد.. فهو يعيش دائما على الأماني، مثلنا تماما نثق بكل وعد يطلقه "عسكري" أو "مدني" إنقلب على سيده ذات مساء...
إننا نرقص ونطرب دائما لسماع نفس الإسطوانة المشروخة...
إن خطة قتل الأمل 2012 هي، في الحقيقة، مبادرة قام بها بعض التجار النافذين الذين تربطهم علاقة دم وأواصر رحمة مع العقيد ولد عبد العزيز لتزدهر تجارتهم ويتلاعبوا بالأموال العامة، وهم الذين يعلمون أو لايعلمون ان خطة أمل لن تجدي نفعا لا للوطن ولا للساكنة المسحوقة في "موريتانيا الأعماق"..
من يتابع شكاوى البسطاء والنساء والأرامل والرجال المغلوبين على أمرهم وهو يفترشون اللأرض ويلتحفون السماء لمدة ثلاثة أيام بلياليها بعيدا عن "الفرقان" و "لخيام" والأطفال من أجل أن يغتنوا صدقة من الحكومة تتمثل في خنشة أو إثنتين من القمح أو العلف أو "جركان" من الزيت الرديء المشبع بالكلسترول دون اي إنتباه لمعايير السلامة العالمية...
لقد تحولت دكاكين "أمل" الي طريقة لتسليع وبيع المواد المنتهية الصلاحة وزبالة الأسواق الدولية وهو مايمثل خطرا كبيرا على الصحة العامة ومصير المواطن الذي تقتله الحكومات المتعاقبة ألف مرة كل يوم وتجرده من كرامته كل صباح...
حذرت بعض الأحزاب الطامعة في السلطة، لكي لانقول المعارضة، من إستهلاك هذه المواد التي تباع في دكاكين "أمل" لأنها خطيرة و عبارة عن نفايات يجلبها التجار الكبار ليضاعفوا بها ارباحهم على حساب البسطاء....
لكن سونمكس والحكومة ماضية في خطتها التي، حتى الآن، لم تحقق اي أمل، بالعكس فقد عرت المستور وكشفت عن درجة تغلغل الفقر والمجاعة في موريتانيا بدرجة مخيفة ومروعة...
ترى، متى تصبح حكوماتنا ناضجة وتحافظ على كرامة المواطن؟
اين هي المصلحة العامة في تقسيط بضائع منتهية الصلاحية ولا تخضع لمعايير السلامة الدولية؟
لماذا لم نسمع اي تصريح من العقيد ولد عبد العزيز أو "كلابه التي لاتنبح" أي تصريح أو تقييم للفقر والمجاعة التي تجاوزت، حسب تقارير دولية، 53% من مجمل الساكنة؟
أم أن "العالم يغار من خطة أمل 2012" التي طبقتها الحكومة الموريتانية للوقوف في وجه آثار الجفاف وارتفاع أسعار المواد الغذائية كما قالت رئيسة لجنة نساء حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا، عيشه فال فرجس...
خلال كل مبادرة أو خطة فاشلة تقوم بها اي حكومة في موريتانيا ينبري بعض الببقاويين والطفيليين الذين يمتهنون التصفيق و"التلحليح" مهنة مقدسة ليجعلوا منها خطة التنمية للقرن القادم...
هؤلاء الطفيليون هم سبب الكارثة والسطحية التي تعاني منها موريتانيا. إنهم يصفقون ويتزلفون لسبب واحد وهو إنعدام الثقافة وتعودهم على هذه الطريقة منذ الحكومات المتعاقبة على موريتانيا....
مات "الأمل" في "خطة أمل"... في إنتظار أمل جديد يولد، دعونا نحلم، على الأقل، بوطن آخر أجمل حيث ينبت الأمل في المشاتل على قارعة الطريق...
د.اعل الشيخ احمد الطلبة
، مدون وأستاذ جامعي