لقد مثلت مسابقة امير الشعراء اهم حدث اعلامي وثقافي خلال الأيام الماضية وذلك لوصول المتسابقين للأدوار المتقدمة من المسابقة ولن تخطئ عينك و انت تتصفح احد المواقع الالكترونية او تتابع نشرات الأخبار الاذاعية
والتلفزيونية بل وصفحات الفيسبوك وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي لن تخطئ عينك نبأ او طلب بتصويت او انتقاد للجنة التحكيم تارة ولبعض النصوص تارة اخرى وفي اغلب الأحيان تكون العواطف هي سيدة الموقف بعيدا عن العقل او أسس النقد او غيرها من القوانين المعهودة و اصبح الشعر والشعراء يباعون بثمن بخس من خلا ل الرسائل النصية وعبر الخط السريع و اصبحت المنفعة الاقتصادية هي الهدف الأسمى مما جعلنا أمام " سايكس بيكو" جديد يقسم وطننا العربي المقسم أصلا إلى دويلات متناحرة للاعب الأبرز فيها دول العمالة أي دول الخليج التي هي اصل ازمة الأمة ولا اعرف ان كان" جون ادوي" الفيلسوف الفرنسي المعروف الذي قرأنا عنه في فلسفة السياسة والأخلاق قد تنبأ بهذا الواقع المزري الذي تحكمه الماديات في ثوب المثاليات حينما ذهب هو وزملائه إلى النزعة "البركماتية ــ النفعية " التي تحكم سلوك الفرد والجماعة والمجتمع بل وحتى الدولة بالمفهوم الحديث معتبرين أنه كلما حقق لنا الفعل منفعة يكون اكثر أخلاقية ،
أعتقد بأن هذا الوصف الشنيع حينما ينطبق على أمة إقرأ التي تعتبر منجاة للشعوب ومخرجة لها من الظلمات إلى النور بأنه امر محزن وتردي حقيقي وعصر انحطاط جديد بعد أن كدنا نجزم بأن مفكري الاصلاح أمثال الأفغاني ومحمد عبد وغيرهم كشكيب ارسلان والكواكبي قد استطاعوا أن يوصلوننا إلى بر الأمان بعد ليل اليأس والتخلف الذي خيم علينا ردحا من الزمن في ظل استعمار عثماني اوروبي وفي ظل تدهور لغة الضاد التي هي لغة القرآن وكفاها ذلك شرفا ،
كل ذلك لم يشفع لنا أمام النزعة المادية الجديدة والتي اصبحت تجعل من ثقافتنا العربية الأصيلة ومن القريض الذي هو ديوان العرب ـ تجعل منه مادة دسمة من اجل ان تحقق ارباح مادية في ظل طغيان المادة في عصر كان أول المبشرين به المفكر الإنكليزي آدم اسميث ، فكيف يكون التصويت حكما يحكم على أن عمر شاعر وزيدا ليس بشاعر ،؟ وهذا تساؤل في محله فتصور معي اخي القارئ أن طفلا لديه هاتف وصوت وقلب كفة احد المتسابقين وصوت على أساس طائفي او عرقي او جهوي او غيره ومع ذلك لا يعرف بحور الشعر ولا الكناية ولا التشبيه ولا الاستعارة ولا القاموس اللغوي ولا يفرق بين شعر التفعلة او الرومانسية او الكلاسيكية فهل يعتبر ذلك عدلا ؟
طبعا الاجابة هي بلا من دون شك ، أعتقد بأن امير الشعراء في حقيقتة يقتل الشعر شيئا فشيئا وعليهم أ يضعوا حدا لذالك من خلال اعتماد لجنة تحكيم ذى خبرة في المجال الأدبي متخصصة في شتى اصناف الأدب وتكون محلفة ويتركون التصويت عبر الهاتف أو عبر الرسائل النصية طبعا هذا لا يعني أن من يشاركون في المسابقة لا يعرفون الشعر بل ربما يكون امير الشعراء الحقيقي لم تتح له الفرصة ليشارك فهي لا تعطي امير الشعراء وليست مخولة اصلا لذلك لأن الرصيد والمال هم سيد الموقف وهذه ليست متاحة للجميع فأمير الشعراء ليس بالضرورة غني اوفقير او غيرها بل هو انسان مبدع وشعره جميل وقوي ، ولا اريد أن اكرر الكلام حتى لا اطيل، كما أن الموضوع قد تناوله بعض الكتاب والنقاد قبلي مثل الدكتور الشيخ ولد سيد عبد الل وغيره ولكن اريد أن اؤكد مسألة وهي أن الرسائل النصية والاتصال ليس بوسعهم أن يكونوا غربلة مناسبة لإعطاء شخص ما صفة امير الشعراء وارجوا أن تتوقف المسرحية الحزينة التي تغتال الشعر العربي في مهده وأن يتوقفوا مصاصي الدماء عن عملهم الليلي المشين حتى لا يذبحوا الشعر على نصب شاطئ الراحة . تقبلوا اجمل تحية
الكاتب : الناجــي مـولاي ادريـــس البريد الالكتروني : [email protected]