تمخَّض الجمل فولد فأرا(صِهْريج مقاطعة جگني) / احمد جِدو ولد محمد عمو ولد إك

 احمد جِدو ولد محمد عمو ولد إكتعتبر الدولة في المجتمعات المتحضرة التي تحترم نفسها، هي الأم الحنون والملاذ الذي يلجأ إليه كل ملهوف ويأوي إليه كل صاحب ضنك، تُزيل الهم عن هذا بتلبية الحاجات وتقف إلى جانب هذا في مطالبه المشروعة حتى تتحقق مآربه فتؤتي كل ذي حق حقه.

بيد أن دولتنا هي حالة الاستثناء التي تثبت ما ذهبنا إليه في وصف الدولة في تلك المجتمعات، فقد عجزت الدولة عندنا عجزا تاما عن تلبية ولو حاجيات يسيرة لساكنة إحدى مقاطعات هذا الوطن -مقاطعة جكني- والتي لم تحظى بعناية لا من السلطات المتعاقبة في هذا البلد ولا من الساسة أبناء المقاطعة؛ الذين لا هم للكثير من هم سوى تعطيل والوقوف أمام أي مشروع تنموي يستهدف الصالح العام للمقاطعة وساكنتها.

وفي خِضَم هذا النسيان للمقاطعة وتجاهلها من طرف السلطات الرسمية والسَّاسة المحلِّيين قام شباب من أبناء هذه المقاطعة تحت يافطة مبادرة سمَّوها "مبادرة فك العزلة عن مقاطعة جكني" بالمنافحة عن حقوق سُلبت وآراء صودرت منذ عقود عديدة، ومن خلال هذه المبادرة أوصلوا المطالب غايتها فقرعوا بها آذنا صمَّا وأعينا عميا وقلوبا غُلفا، حتى تبين الخيط الابيض من ذاك الأسود؛ في منْ مع الخيارات الكبرى والمطالب الملحَّة لساكنة المقاطعة، ممَّن هو في شك منها ولتلك المطالب معارض وعنها ناكف وبأصحابها مستهزئ.

كانت النواة الأولى لهذه المبادرة السنة الفارطة، عندما كاد العطش يقضي على ساكن بأكملها في المقاطعة، فنَظمت وقفات أمام وزارة المياه للمطالبة بتوفير مياه الشرب للساكنة وبعد ضغط مستمر تعهدت الوزارة الوصية بإرسال صهريج إلى المقاطعة!!! بربكم كم سيغني صهريج واحد لمقاطعة تناهز ساكنتها 50000ألف نسمة؟، ولكن الأدهى والأمر أن الصهريج المبعوث تعطل في الطريق بسبب عجلة، وذهبت مع ذلك أحلام ساكنة بكاملها أدراج الرياح في الحصول على جرعة ماء تسقي ظمأها، دولة كاملة تعجز عن توفير عجلة لصهريج!!!، أي دولة هذه؟ لكن الله سلَّم حينها فأُمطِرت الساكنة غيثا مباركا أذهب العطش وكفى الله ساكنة المقاطعة عناء رفع أكف الضراعة إلى غير الباري سبحانه.

أمَا وقد عادت موجة العطش إلى ما كانت عليه ثانية؛ بسبب موسم الصيف هذه الأيام فقد قرر أصحاب المبادرة النزول إلى الشارع وطرح مطالبهم المشروعة هذه المرة بإلحاح وأكثر قوة من ذي قبل، وبعد مماطلات وصلت فترتها قرابة الشهرين، أرسلت الوزارة صهريجا مُعاقًا قبل أيام ينقصه أنبوب صبيب، ولمَّا يبدأ بعد في توزيع المياه، وكم سيغني لساكنة بحجم ساكنة جكني؟؟ إنها مهزلة ولعب على عقول الناس، يصدق على وزارتنا والقائمين عليها المثل العربي القائل: "تمخض الجمل فولد فأرا" أو تمخض الجبل فولد فأرا" كلا المعنيين يفي بالغرض، فالمتمخض هنا الدولة ووزارة المياه والمولود هو صهريج معاق.

إن وزارة المياه بعجزها عن تلبية أهم حاجيات الحياة وهو الماء لإبقاء الناس على قيد الحياة، تعد فاشلة بكل المقاييس في إداء مهامها، ومن ما يعزز هذا الطرح هو اللامبالاة والتقصير اللذين تقوم بهما الجهات الرسمية ممثلة في الوزارة الوصية لحل أزمة العطش في مقاطعة جكني؛ فالخِطة التي تم اتخاذها في اجتماعات الحكومة والتي تم التصديق عليها والقاضية بتزويد مقاطعات عديدة في ولاية الحوض الشرقي من مياه "بحيرة اظهر" تم فيها إقصاء مقاطعة جكني، في حين أصبحنا نسمع عن نية الحكومة تزويد مقاطعة "كيفه" في ولاية لعصابة من هذه البحيرة!!!، "يكلْعك يتبصِيكتْ الاعم" أصل أقرب جكني من كيفة.

يبدو أن فكرة الإقصاء والتهميش للمقاطعة لا تزال تكبِّل القائمين على السياسات العامة في هذا البلد، حتى فيما يتعلق بأهم وأبسط شيء يمكن أن توفره دولة لسكانها، فدولة لا يمكنها سقي مواطنيها من ماء شروب، ما ذا بإمكانها آخر أن توفره لهم؟، ليس من ضعف في الإمكانيات المادية للدولة طبعا، فالموارد الاقتصادية هائلة جدا، إنما مقدرات هذا الشعب وخيراته تذهب إلى جيوب آكلي المال العام، ولا يبالون في أي واد هلك هذا الشعب المسكين؛ سواء هلك جراء العطش أو بالفاقة هلك، أو بالمرض...

لكِ الله يا مقطعتي الحبيبة.. ومن بعدك وطن تنهشه أيادي آثمة.

 

بقلم،أحمدجدوولدمحمدعموولدإگه

[email protected]

12. مايو 2013 - 11:46

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا