انتخابات محلية و جهوية و تشريعية هي الأسوأ منذ عقدين من الزمن ، و نتائج غير مبهرة من حيث نوع الأشخاص و معطيتهم الفكرية و العلمية ، و نفوذ واسع ترك فيه الحبل على الغارب لحزب الإنصاف، حيث رشح و أنجح كما يشاء ، و حضور لافت للأغلبية و المعارضة .
ينتظر الرأي العام الوطني حكومة ما بعد الانتخابات ، و هو مستاء من طريقة تنظيمها، و يتوقع حركة من النظام لمعالجة الآثار السلبية لها ، بتشكيل فريق تكنوقراطي يدير المرحلة ، أو بتشكيل حكومة وحدة وطنية تمتص الاحتقان و تفتح أفقا للإصلاح.
يرى العديد من المراقبين أن ولد الغزواني يفكر بالانتخابات الرئاسية بالدرجة الأولى، و بالتالي فإنه سيشكل حكومة سياسية تخضع للنمطية المعهودة من توازنات قبلية و جهوية و شرائيحية ، و تضمن أغلبية للانتخابات الرئاسية ، و هو ما يعني في نظري بعضهم، الإبقاء على الرؤوس السياسية للحكومة، و تغيير بعض الأوجه التي فشلت سياسيا في تصدر المشاهد المحلية، و يلقي ملف "العشرية" و محاكمة ولد عبد العزيز و أعوانه بظلاله على المشهد، مما قد يبعد بعض مهندسي الانتخابات الأخيرة عن الحضور في المشهد، مع أن بعض المراقبين يرون أن النظام سيحمل حزب الإنصاف مسؤولية الاختلالات في الانتخابات ، مما يعني إبعاد قياداته من الحكومة .
و يذهب محللون سياسيون إلى أن الانتخابات ، و إن أنتجت نجاح الحزب الحاكم و أعطته الأحقية الظاهرية للاستحواذ على الحكومة ، إلا أنها أبانت عن مستوى كبير من الاحتقان على قيادات الحزب ، كما أبانت عن وعي كبير من المواطنين بدرجة الفساد التي يعيشها البلد ، و رغبتهم الجامحة في الإصلاح و مباشرة تنمية حقيقية مدعمة بالرقابة و التفتيش، و هو ما عجزت عنه الحكومة الحالية ، رغم قناعة أغلب المواطنين بالإرادة الصادقة للرئيس في هذا المجال .
يؤشر اختيار رئيس البرلمان ، عند بعض المراقبين ، إلى توجه الرئيس للاعتماد على أصدقائه و محل ثقته ، و على رفقائه مهنيا ، بعد خيبة أمله في رجالات السياسة، مما يعني أنه يسعى لتشكيل حكومة تكنوقراطية ترضي الرأي العام، و تبعد الأوجه الممجوجة عند المواطنين، و تعطي أملا في تغيير الواقع ، أمام انتخابات رئاسية لا يمكن التنبؤ بنتائجها مع تنامي الوعي و ضجر المواطنين من تدوير الأوجه و تكرار النمطية السائدة منذ عقود ، خاصة و أن كل الأنظار تركز نحو "الغاز" و ما ينتظر منه من أسباب رخاء .
سيكون من الأفضل - في اعتقادي- للرئيس غزواني أن يمسح الطاولة لكل الأوجه ، و يأتي بحكومة جديدة تماما ، مع أدوات رقابة صارمة و تطبيق صارم للقوانين من قبل القضاء ، تفعيل لدور البرلمان الرقابي ، و دعم الصحافة و استقلاليتها و أحقيتها في الحصول على المعلومة و كشفها للرأي العام .