تتمتع بلادنا بموقع استراتيجي وموارد تنموية هامة يمكن أن تستقطب استثمارات عملاقة وشراكات استراتيجية تعزز الدورالاقليمي والدولي لبلادنا ونفوذها. فهناك الكثير من المقدرات التي يمكن استغلالها في الظرفية الدولية الراهنة المتميزة بتجاذبات قوية بين الدول العظمى بلغت ذروتها خلال هذه الفترة الأخيرة. فعلى سبيل المثال، تربطنا مع دول الجوار بحيرة تاودني الجوفية غزيرة المياه والتي يمكن استغلالها من خلال إنشاء مؤسسة مشتركة بين بلادنا والجارتين مالي والجزائر على غرار منظمة استثمار نهر السنغال OMVS وذلك باستثمارات او دعم روسي مثلا، حيث تعمل روسيا جادة على تعميق العلاقات مع دول المنطقة. خاصة أن استثمارا من هذا الحجم يمكن أن يوجه إلى إنتاج الحبوب مثل القمح لكي يعوض بعض النقص الناتج عن الأزمة الأكرانية. فقد لايتطلب الأمر استثمار مبالغ ضخمة، بل ان تمويل مشروع من هذا الطراز يمكن أن يقل عن ثلاث مائة مليون دولار. ضف إلى ذلك العديد من المجالات مثل تطوير استخراج وصناعة خامات الحديد الذي قد يجذب استثمارات روسية خاصة ان بعض المؤسسات التنموية والمالية الروسية قد أبدت سابقا اهتمامها بشركة اسنيم والاستثمار في هذا المجال. ثم إن التعاون مع اصدقائنا في روسيا والصين قد يشمل الطاقة بجميع انواعها (الخضراء، التقليدية وحتى إنتاج اليورانيوم) والمعادن والزراعة والتنمية الحيوانية، خاصة ان لدى روسيا سلالات أغنام تلد أكثر من خمس توائم يمكن أن تسهم في تهجين الاغنام وعصرنة تنميتها عبر انشاء مزارع نموذجية للتنمية المكثفة تسند إلى مؤسسة مشتركة روسية موريتانية. إن التعاون في مجال التنمية الحيوانية سيعزز مكانة بلادنا اقليميا وحتى دوليا في هذه الأسواق التي تجذرت فيها بدور رائد منذ عشرات السنين. كما أن عصرنة الموانئ وتطويرها يمكن أن يستقطب هو الآخر استثمارات روسية تفسح مجالا أوسع لأشقائنا الماليين في تنمية مبادلاتهم التجارية الدولية وتسهل لهم الولوج إلى الأسواق. اما في مجال الصحة، فيمكن لمدينة انواكشوط مثلا أن تستضيف مستشفى اقليميا بشراكة بين الدول الثلاثة اوالاربعة (بلادنا ومالي والجزائر وروسيا) مجهزا من طرف روسيا وبطواقم طبية اقليمية تتم فيه عصرنة جميع التخصصات الطبية ويستوعب المرضى من كل هذه الدول في ظروف مدعومة. اما بخصوص الصيد، فقد شهدت بلادنا سابقا تجربة ثرية مع روسيا يمكن تجديدها وتعميمها لتشمل بعض دول الجوار لكي تساهم في تطوير وعصرنة صناعات الصيد والمنتوج البحري. وبخصوص تطوير وعصرنة التعليم والتكوين العالي، فإن التعاون الثنائي قد شهد عبر التاريخ دورا محوريا للشقيقة روسيا مكننا من بناء وتطوير الكثير من المجالات بسواعد وكفاءات وطنية تكونت في روسيا. وقد يتطور هذا التعاون ليشمل قيام مؤسسات تعليمية مشتركة على أرض الوطن تساهم في تكوين شبابنا، بل تفتح أبوابها لدول الجوارلتكوين شباب المنطقة ككل على غرار الأكاديمية العسكرية لدول الساحل في انواكشوط. إن منظمة دول الساحل تمثل نموذجا حيا يمكن تعميمه الى منظمات إقليمية أخرى تعزز التعاون والتكامل بين دول منطقتنا بدعم احد الاقطاب العظمى مثل روسيا اوالصين اللتان توليان اهتماما كبيرا هو الأول من نوعه يتجسد من خلال استثمارات ضخمة ومؤسسات موجهة نحو تعزيز العلاقات والروابط.
إن قمة سوشي الروسية الافريقية والمنتدى الاقتصادي الروسي الافريقي والهيآت المختصة مثل ACEPA تشكل فرصا مهمة لتنمية العلاقات الاخوية الروسية الموريتانية في ظل الظرفية الدولية الراهنة. فقد بلغ الاستثمار الروسي في الاقتصادات الافريقية و برامج التنمية مايفوق ثمان مائة مليار روبل. فهل كان لبلادنا نصيب منها ولو توقيع ابروتوكول لاستثمار مستقبلي؟ إن تنمية اواصر الأخوة والود مع أشقائنا في روسيا يجب أن ينعكس على ألواقع و يترجم شراكة حقيقية لتمويل المشاريع الوطنية ويعزز دور بلادنا عبر تنمية اقتصادية مندمجة اقليميا.
إننا نمتلك مقدرات كبيرة يمكننا من خلالها استقطاب استثمارات روسية بشراكة مع دول الجوار نتطلع اثرها إلى لعب دور محوري في التنمية الاقليمية والبرامج الاقتصادية المشتركة طبقا للمصلحة الوطنية التي يجب أن تظل فوق كل الاعتبارات. فهل ستنصب جهودنا إلى تنمية وتوطيد هذه المجالات عبر إنشاء ودعم هيآت مشتركة حكومية وغير حكومية تنمي روابط الاخوة بين بلادنا والدول المعنية ذات الاهتمام.
المهندس محمد عبدالله اللهاه
هاتف : 31131284
بريد : [email protected]