الزعيم مسعود ولد بولخير كان عادلا في توزيع النقاط بين المعارضة والنظام خلال كلمته في افتتاح الدورة البرلمانية الجارية ،فقد طلب من ولد عبد العزيز أن يقبل بحكومة توافق وطني واسع وطلب من المعارضة في حال أصر ولد عبد العزيز علي رفضه للحكومة أن تقبل شروطا أخري للمشاركة ،
هذه الوسطية كانت ستكون مفيدة لو أنها بين طرفين متنافسين في خدمة الشعب والدولة فما لذي أسس عليه الزعيم طرحه؟ وهل خانته الذاكرة في مراحل النضال الطويل؟
ليس خافيا علي الزعيم مسعود أن معركة منسقية المعارضة مع ولد عبد العزيز ليست من أجل المناصب والمكاسب التي يلهث خلفها زبانية النظام والمتطفلين من بقايا المسيرة النضالية الكبري التي خاضها ويخوضها مناضلون شرفاء ،وهؤلاء المتساقطون في الطريق أفراد تقطعت بهم السبل وأعياهم المسير ووهنت لديه العزيمة فخلعوا العمامة وارتدوا أثواب التسول علي موائد الحاكم ، هؤلاء لست منهم يا سيادة الزعيم .
والذين من حولك في أحزاب المعاهدة لا يمتلكون رصيدك في النضال ولا مكانتك في التاريخ السياسي للبلد، قد تسول لهم أنفسهم (لا أتمني ذلك) أن يشاركوا في مسرحية انتخابية طمعا في ملء الفراغ السياسي والانتخابي الناجم عن عدم مشاركة المنسقية وقد يكبر الحلم لديهم ليصل إلي الطمع في جني المكاسب الإنتخابية من رصيد المعارضة ،لكنهم لا ينبغي أن يخدعوك إن لهم حساباتهم ..وتاريخهم ..وليسوا سواء ... فالبعثيون نخبويون و من الصعب أن يشاركوا في المغامرات غير المحسوبة ،أما غيرهم فربما لا يكون الأمر غريبا عليهم (أقصد الوئام، والفضيلة وماشابه) ...
إن من يزمرون ويطبلون للإستبداد والإقصاء والتحالف مع العسكري مهما كانت إرادته مناقضة لإرادة شعب بأكمله أنت تعرفهم في عهود سابقة من أول إنقلاب عسكري شهدته البلاد 78م إلي آخر انقلاب لايزال حاكما بإرادته لابإرادة الشعب. وإن تاريخك مع الأنظمة العسكرية حافل بالعطاء والمواقف والتضحيات والسجون ، وأحزاب منسقية المعارضة هي الشريك التقليدي في نضالك الذي احتضنه في وقت من الأوقات حزب منها وشاركك حزبان آخران النضال علي مدي عشرات السنين ودعمتك للرئاسيات أحزاب في المنسقية اليوم وناضلت معك شخصيات كثيرة من داخل حزبك ومن خارجه هي اليوم تواصل ذات النضال في منسقية المعارضة الديمقراطية .
إنك أيها الزعيم :تلاحظ أن البرلمان الذي ترأسه يضم أغلب رفاقك في النضال في أحلك الأوقات وأصعبها وإنك لتستحضر نفس الأساليب التي مورست لإقصائك يوما وأعان عليها من حولك اليوم من الأشخاص في الطرف الآخر من معادلتك وأن من نصرك في تلك المعارك هو من تريد أن تساويه اليوم (أشك في ذلك) مع جلاد الأمس القريب.
الأخ الزعيم :
إرادة الشعب الموريتاني هي تلك التي يعبر عنها دون إكراه من سلطة أو جاه أو نفوذ وأنت تعرف أن كل الإنتخابات التي يتاح فيها للمواطن التصويت بحرية تكون نتائجها لصالح الأصلح والأكثر كفاءة وعادة مايكون مرشح حزب معارض ومنهم حزبكم .
وأن سيف الجلاد مسلط دائما علي الأرياف والقري والمقاطعات النائية حيث ترتع بطانته مستقلة ضعف المواطن وحاجته وخوفه الموروث من الإستعمار ومن السلطة ومن يمثلها .
إنكم أيضا تفهمون أن عقاب الشعب سيكون قاسيا لمن يتنكر لإرادته ويطمع في استغفاله والتضحية بحقوقه الأساسية في دولته ،أقصد حقه في أن تشارك أحزابه المناضلة في أجل حقوقه عبر تاريخ لم يبدأ من 6/6 /2008م وإنما بدأ قبل أن يزول الإستعمار وتقوم الدولة .
يبقي أن أسأل القارئ المتفطن للأحداث : هل فعلا يعتقد الزعيم : أن الأحزاب العريقة في نضالها وتاريخها السياسي يمكن أن يغيبها نظام (جاء إلي السلطة بانقلاب تلاه اتفاق مفروض) باسم الممارسة الديمقراطية في البلد؟ أين حدث ذلك؟ ومتي؟
وهل يخيل لطفيلي الأحزاب الموريتانية (أحزاب الحقائب في الأغلبية) أنه يمكن أن يظفروا بمقاعد الشعب عندما تغيب المعارضة عن المشاركة؟
لا أستبعد أن طموحا حقيقيا يساور الكثيرين حول الزعيم وأكثر من ذلك حول قائد الإنقلابات بإجراء انتخابات لاتشارك فيها منسقية المعارضة الديمقراطية، ولكنني لا أجرؤ علي القول بإن الزعيم مسعود سيشارك في مثل تلك المسرحيات (إن حدثت) أو أنه سيقبل بها مهما أختلف مع المعارضين له من المعارضة.
وأثق في أنه لم يقصد في كلمة الإفتتاح في البرلمان أن يساوي بين الطرفين وإنما سياق الكلام اقتضي ذلك وقراءته الصحيحة في نظري :
أن الزعيم مسعود قال كلمته لولد عبد العزيز في جمل كثيرة وأشار إلي المنسقية ببضع كلمات ...لعلكم تفهمون ..