إلى زملائي الهواة ..! / عبد الله الخليل

altخلال رحلتي القصيرة مع التجربة الموريتانية الوليدة في مجال الخدمة الإعلامية الخصوصية، سمعية كانت أو بصرية، أعتقد أن لأمثالي من هواة المجال – أي الإعلام – التحلي دائما بكثير أحزمة أمان حتى لا تسلبهم رداءة التجربة في بلادنا الإيمان الراسخ بهذه المهنة النبيلة، المنهِكةِ الطاقات،

 الناسفة معني التفاؤل والطموح في بلادي الحبيبة.. وحتى أيضا لا يقعوا ضحايا كبت الموهبة اليافعة المعطاة، من خلال السقوط على صخرة الخيبة والتشاؤم.. فالطريق حافل بالمطبات والمنعطفات !!

 

صحيح أن واقع مؤسساتنا الإعلامية الخصوصية لا يزال بعيدا كل البعد عن تصنيفه ضمن تجربة يعْتَدُ بها، أو يستشرف لها التعمير، أحري لعب دورها المنوط بها على مختلف الأصعدة !.

 

ثم صحيح أيضا أن أكبر وصمة عار بدأت تتسلل لملامح هذه التجربة الحديثة، هي استنساخ تجربة واقع الصحافة المنشورة المُرّة بداية التسعينيات من القرن الماضي؛ أي فوضوية، سواء على مستوى المادة المقدمة وأسس المعايير التي تقوم عليها، أو على مستوى هيكلية التنظيم الداخلي للمؤسسة، والأعراف المحدِدة لأبجديات مسارها .

استَنسخت الإذاعات والقنوات التلفزيونية في بلادي نفس التجربة بنفس الوجوه - ذات الخلفية السياسية أو التجارية - لكن بصورة جديدة تتماشي في سياسات تلاعبها والـــزمان .

أضفت سريعا هذه الوسائل الإعلامية الخصوصية للتجربة مبكرا أنماطا ستبقي إلى مدى بعيد وصمة خزي وعار على جبين السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية، ثم على مسيرة وزارة الاتصال والعلاقات مع البرلمان (الحاضر الغائب)، ومن ثم على النقابات والروابط والتكتلات الصحفية التي أنشئت خصيصا – كما تقول - لتنقية هذا المجال من كل الشوائب والأدران والخروقات الصارخة ..!!

نعم استنسخت هذه المؤسسات أنماطا بات أبرزها اليوم ما أصبح يعرف بــ"الاسترقاق الممنهج" لجهود وطاقات وحماس جيلٍ آمن بهذه التجربة على علاتها، وبذل لها من وقته خلال مسيرة أكثر من عام كل غالٍ ونفيسٍ دون كللٍ أو مماطلةْ.. حدد مسارها وهذب كيف مخاضها.. تعلل على وعود أصحابها.. ودون أن تجازيه على الأقل أيَّ تكوين في المجال، غير تلك التجربة والرؤية الذاتية "المحمودة الملان" التي اكتسبها من يومياتها المشؤومة؛ كان يعش طوال عام حنظلي علي وقع انتظار تطبيق شروط دفتر "هابا" ليغذي بريق أمل أحلامه المشتتة بين خيارات عسيرة الانفراج.

في ملامح وجهه تقرأ تفاصيل ملحمة ويلات شقاء وبؤس مرحلة تشفق عليه منها للموت.. عساها فرجا .. !

 

أن تسير لوحدك فريداً تطارد شعاع ضوء متجددً في آخر نفقٍ مظلمٍ لا أنيس لك فيه سوى أحلامكَ الجميلة المبتورة الطاقاتِ والحظوظْ؛ خير فيك من أن تسلك سبيلا تبصره ورديا مضيئا بوجود ثقة تضعها في قائمة اهتماماتك عن شخص تراه أهلا لها بحكم ماضيكما القريبْ؛ سلوكا؛ شرف كرامةٍ وعزة نفس !!

 

لأمثالي من الهواة أن لا ينخدعوا بهذه التجربة كثيرا.. وأن لا تموت فيهم أحلامهم الجميلة الغنية الثرية بكل معاني الحياة.

 

لأمثالي أن لا ينتظروا لـــ"هابا" التي لا يزال يبدوا من حديثها ومدى تكريسها شروط دفتر الالتزامات ما يبعث على كثير خيبة وشكوك، خاصة وأن ملاك أو مسيري هذه المؤسسات جلهم يُنعَتُ بالعمل الإستخبراتي و النفوذ الفاحش على بعض المؤسسات العمومية من خلال العلاقات الوطيدة مع فلول الدولة وقادتها المقربين، من ما ولد سلطة مافيوية سيفا مسلطا على عنق "هابا" ورئيسها الذي لا أشكك في مدى التزامه واحترامه كما يقول عنه كثيرون ..!

 

مسكين ذاك بعضهم، ينهك نفسه دائما دون أن يدرك أن تطلعي وأحلامه متناقضة، غايتي ومساعيه متباينة، كلا منا يسلك سكة يفصلهما جدار الانتماء والمنبع والنضج ونقاء النوايا والطموحات ..!!

 

لأمثالي من الهواة أن لا يغتروا بما ستقوله النقابة أو الرابطة أو أي اتحاد و تكتل عن تغيير وضعية إعلامنا عن ما هو عليه الآن... فقط على هؤلاء المضي وقفة رجل واحد في وجه هذا الإعصار الجارف المدمر ... عليهم هم تحديد المسار وتهذيبه.. عليهم الابتعاد عن المصالح الضيقة والانحشار في المُسخَرات المؤقتة.. ففي مثل هكذا؛ "دوام الحال من المحال" !!

زميلي الغالي، في تجربتي القصيرة علمتني إحداهن أن أظل أريحيا متفائلا، سِمتي عدم الاكتراث بكل ما  يدور حولي من إفرازات يومياتٍ كانت هي بسلوكياتها ونضارة ابتساماتها تطفئ لهيبها داخل صدري المثقل كل ما أوقده زفير كبريت غداء جديد ..!

في تعاطيها مع المتغيرات كانت تبعث لي رسالة واضحة مفادها: "اسرح بلطف وعفوية مثل تلك القطة التي لا تدري متى يسلط عليها سيف ثمن رعاية وحفظ هذا الكرسي من درن كل فأر فاسق ولو كان صديقا " !

 

نعم زميلي، المهم دائما أن تبقي على صلة مع ذاتك وأحلامك وكبريائك، دون أن تمس أو تخدش من الآخرين.. وستذكر ما أقول يوم تُجازى ذاك الثمن العزيز.. وما يناله إلا ذو حظ عظيم ..!!

 

 

[email protected]

16. مايو 2013 - 23:45

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا