توجد المدينة الحالية بالقرب من الموقع الذي تحتله في السابق قرية قديمة جداً تسمى ديوربل ، في القرنين 17و18م،كان التجار الأوروبيون يترددون على المكان المسمى Escale du Désert لتجارة الصمغ العربي، و اختفت هذه المحطة المؤقتة خلال القرن 19م، وظل المكان غير مأهول، لكن على الجانب الآخر من النهر كانت قرية سينغالية يسكنها مزارعون و صيادون تسمى روصو، في الفترة ما بين عامى 1895 -1900 استقر تجار أروبيون هناك، و اتفقوا مع القوافل القادمة من الشمال لجلب الملح والصمغ ، وأصحبت القرية بعد ذلك مستودعاً صغيراً ومركزاً للشحن، إلى أن جاء اليوم الذي فكر فيه تاجر من السكان المحليين عبور النهر والاستقرار في الجانب الموريتاني، وكان ذلك 1920.
في عام 1927 تم إنشاء مركز روصو الإداري، مع وجود مسؤول أوروبي مشرف على مسار العمليات التجارية، وفي عام 1930 كان عدد السكان حوالي 300نسمة ، بالإضافة إلى 15 منزل ، بما في ذلك سكن كل من المقيم الفرنسي و رئيس مكتب البريد ، و مبنى البريد و التلغراف و الهاتف PTT ، و أكواخ الطين، والخيام .
أولا : البدايات 1920_1932
أتاح الاستقرار على الجانب الموريتاني للتجار خبرة مهمة تتمثل في تجنب العبور اليومي للنهر ، وبالتالى فالمدينة تأسست على يد التجار، وكانت تمثل تحديا للظروف المناخية الصعبة ، فالمنطقة يغمرها بانتظام فيضان النهر، و مع ذلك أراد التجار الاستقرار في هذا المكان غير المناسب، لأنه نقطة نهاية القوافل القادمة من الشمال، كان لا بد من إحاطة المدينة بحواجز رملية لحمايتها من الفيضانات .
أطلق على المدينة اسم روصو ، مثل القرية السينغالية، في هذه الأثناء انتقل التجار من القرية القديمة (روصو السينغالية) إلى القرية الجديدة روصو موريتانيا.
ثانيا: تطور الحركةالتجارية 1932 1939.
شكلت مدينة روصو إحدى محطات المسار العابر لموريتانيا الذي تم بناؤه في الفترة ما بين 1932- 1934، وصل المسار نواكشوط و امتد حتى أطار مرورا بأكجوجت ، وأصبحت روصو تشكل نقطة الإنطلاقة لهذا الطريق ، و قاعدة تموين للقوافل العسكرية، و منذ ذلك الحين و المدينة ملتقى طرق بين طريقين أحدهما يربط الشرق بالغرب، والآخر يربط الشمال بالجنوب المعروف بالمسار الموريتاني ، في عام 1934 أصبحت روصو عاصمة لقسم (Sibduvion) ،مما منحها وضعاً خاصا، و استفادت من طبيب مساعد و قابلة ومدرسة ريفية و وكيل عبور (ترانزيت)، و جعلت منها شركة النقل الخاصة " لاكومب" بوابة غرب موريتانيا، كما أن جميع المواد الغذائية والمعدات القادمة من سان لويس ودكار ، تمر عبر روصو ، ثم تطورت أهمية المدينة كمركز أقليمى بالتوازي مع زيادة الحركة التجارية، كما أن فيضانات 1936 لم توقف تطور المدينة ، و تم بناء مطار و قاعدة عسكرية .
وأتاحت التهدئة السياسية تحويل المسار الموريتاني إلى طريق إمبراطورية عرف بالطريق رقم 1 يربط دكار بالدار البيضاء مروراً بسان لويس و روصو و نواكشوط و اكجوجت و أطار و فور غورو و بير أم أغرين و عين بنتيلي و تيندوف و أكادير ، و الغريب أن الحرب العالمية الثانيةساهمت في تطور المدينة عكس غيرها من المدن ، و كان من المقرر أن يتواصل تطور و نمو المدينة لولا فيضانات 1950.
ثالثا:السكان 1939_1950 .
في بداية أربعينيات القرن العشرين كانت روصو مركزاً استراتيجيا واقتصاديا،و نقطة عبور للسلع والمعدات،مما أدى إلى تدفق المهاجرين إليها من الشمال الموريتاني و من السينغال، و ساهمت الحرية الكاملة الممنوحة للتجار، وسهولة الحصول على القطع الأرضية للبناء في ازدهار وتطور التجارة، من جهة أخرى كان لإمداد القوات الجوية لشمال افريقيا ، الذي يتم تنفيذه عبر المسار الموريتاني الدور الكبير في تطور حركة العبور في المدينة، كل هذه العوامل مجتمعة أدت إلى زيادة كبيرة في عدد السكان،الذي ارتفع من حوالي 500 نسمة عام 1939 إلى 1000 نسمة عام 1946 ، وفي هذه الأثناء توسعت المدينة نحو الشمال، و غطت الأكواخ و الخيام منطقة جديدة تسمى Thiangala - Gombo ،لكن هذه المنطقة لم تعمر طويلا و غمرتها المياه 1947.
بعد الحرب العالمية الثانية ، أصبحت روصو عاصمة المركز الاقتصادي الأول في البلاد ، بفضل التطور التجاري والديمغرافي، كما استفادت من وضعيتها كمحطة عبور،و عاصمة لدائرة الترارزة التى يشمل مجالها الجغرافي مناطق بحيرة الركيز وبوتلميت والمذرذرة ونواكشوط، في عام 1946 تم إنشاء إعدادية حديثة حملت اسم كبولاني، وهي أول إعدادية في البلاد.
كان لفيضانات عام 1950م الدور الكبير في توقف عجلة التنمية والتطور في روصو، و لم تستطع السدود والحواجز الترابية حماية المدينة من الكارثة التي اجتاحتها ودمرتها بالكامل .
رابعا: روصو الجديدة 1950-1957
تم تسريع إعادة إعمار المدينة بدفع من الحاكم الفرنسي جاك روغي ،الذي تبنى مشروع روصو عاصمة لموريتانيا، و على الرغم من الدرس الرهيب الذي قدمه فيضان 1950، تم بناء المدينة الجديدة على أنقاض المدينة القديمة، و تمت إحاطتها بسد كبير و قوي، صمد أمام فيضانات 1954، لكن صيانته كانت باهضة الثمن، فتحت المدينة التي اعتمدت في بنائها على الطوب (اللبن) الطريق أمام نمط عمراني عصري ، فالمنازل على الطراز الأروبي تم بناؤها وفقا لرقعة الشطرنج.
بدل التوسع شمالاً توسعت المدينة باتجاه الشرق، و تم التخطيط لبناء أحياء جديدة محمية من الفيضانات ، تجاوز السكان الكارثة بسرعة كبيرة، و بلغوا حوالى 2000 نسمة مستقرين، دون حساب كتلة العمال المؤقتين العاملين في مجال المقاولات و البناء بشكل خاص.
لم تنجح المشاريع الضخمة لجعل روصو عاصمة لموريتانيا ، و انتهى الحلم بوضع الحجر الأساس لمدينة نواكشوط 5 مارس 1957،و تحويل العاصمة من سان لويس بموجب مرسوم صادر بتاريخ 24 يوليو 1957.
و استمر تطور المسارات الذي رافقه تطور النقل بالشاحنات ، مما وسع دائرة النفوذ الاقتصادي لروصو، وهكذا فإن تأسيس المدينة و المرحلة الأولى من تطورها ، يفسر أنه نتاج التجارة التي ازدهرت على الفور، في البداية كانت تعتمد على الملح والصمغ ، لكنها تطورت و أصبحت أيضا استيراد و تصدير و تميثل و عبور ، ذلك بفضل تطور الطرق و الاتصال بين المدن الداخلية.