مهما استفادت البلاد من الإنجازات والتحديث والتطوير فليس يمن ولا هو بمستكثر على شعبها الغالي والمعطاء الذي رزح خلال عقود خلت تحت وطأة سوء التسيير والانشغال عن بناء الدولة على حساب المصالح الضيقة والإثراء غير المشروع بواسطة تبديد أموال الدولة وجعلها ضحية استشراء فساد لا يبقي ولا يذر، فبعد أن من الله على موريتانيا بنظام قوي وصادق في خدمة شعبه بقيادة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني الذي خبر أحوال البلاد ودافع عن حوزتها الترابية سنوات عديدة ها هو يقدم الإنجازات تلو الأخرى مما تعهد به للشعب الموريتاني عشية انتخابه رئيسا للجمهورية يونيو 2019.
لقد استطاع رئيس البلاد محمد ولد الشيخ الغزواني بناء ما دمره من سبقوه وهو تجديد الثقة وتصحيح العلاقة بين الدولة والمواطن وذلك ما بدى جليا كنتيجة حتمية لانكباب مشاريع الدولة على الفئات الهشة والمغبونة رغبة وتصميما على تغيير حالها، فبعد أن كانت مئات الآلاف من الشعب منسية في سياسات الدولة خلال فترات طويلة سابقة، أصبحت الأساس الذي عليه توضع الخطط والاستراتيجيات، وتم توجيه عشرات المليارات من الأوقية على شكل معونات مالية لهؤلاء لأول مرة في تاريخ البلاد حيث يستلم مواطن مبلغا ماليا من خزينة الدولة دون شرط ودون مقابل سياسي أو غيره، فقط باعتباره مواطنا في وضع يحتاج أن يهتم به في أولويات الدولة.
كذلك كانت التوزيعات العينية للمعونات التموينية المساعدة التي لا غنى عنها والتي أستفاد منها مئات الآلاف من المواطنين، في سياق التخفيف من ظروف جائحة كوفيد 19 التي ضربت العالم كله، لكن لم يتوقف العمل المنحاز للفئات الهشة عند ذلك الحد بل شرع في إطلاق مشروع قل نظيره في المنطقة وهو منح التأمين الصحي المجاني لأكثر من 600 ألف شخص في سبيل تعميمه على كافة المواطنين في غضون سنوات قليلة وهو ما يسير بثقة بعد إنشاء صندوق وطني للتأمين الصحي التضامني مهمته دمج جميع المواطنين ممن لا يستفيدون من التأمين الصحي للعمال والموظفين.
ولأن التعليم هو الذي يبني الحضارات فقد توجهت الحكومة لتأسيس المدرسة الجمهورية التي تأخذ على عاتقها تكوين أجيال المستقبل المسلحين بالعلم وبقيم الوحدة الوطنية والمحصنين ضد أمراض الماضي من قبلية وجهوية والممنعين ضد أمراض العصر من تطرف واستلاب فكري وحضاري، وهاهي قد حظيت ببنية تحتية ترقى لتوفير الجو اللائق للتعلم فشيدت مئات المدارس وآلاف الحجرات الدراسية في مختلف ربوع الوطن بجودة عالية ووفق المعايير المتفق عليها. كما أن التعليم الجامعي حظي باهتمام كبير من ناحية توسعة جامعة نواكشوط العصرية والتخطيط لبناء جامعة للتخصصات العلمية بالتعاون مع شركاء البلاد.
إن تشجيع الاستثمار في مختلف المشاريع التنموية والإقبال على الزراعة والتنمية الحيوانية شكلت ميزة أربع سنوات من مأمورية رئيس الجمهورية، وذلك استنادا إلى ضرورة توفير أمن غذائي سيادي يستجيب لحاجة المواطنين مهما كانت حدة الأزمات الدولية المحيطة، وهو لقي دعما كبيرا من السلطات العمومية تمثل في إشراف رئيس الجمهورية شخصيا على إطلاق الحملات الزراعية ودعوة رجال الأعمال للاستثمار في المجال، ودعمت الدولة المزارعين الكبار والصغار من أجل توفير اكتفاء ذاتي من الحبوب والخضراوات شرق البلاد وغربها، إنه مشروع ينطلق من الجدية والحاجة الماسة لتطوير الزراعة باعتبارها خيارا استراتيجيا.
كما أن مشاريع البنية التحية الضرورية من مستشفيات ومراكز صحية ومبان إدارية وطرقا وجسورا وساحات عامة بالعاصمة شكلت جميعها الشغل الشاغل للحكومة من أجل دفع عجلة التطوير وربط بين المدن بشبكة من الطرق لفك العزلة عن المواطنين، ولا يخفى على أحد ما لبناء ألفي وحدة سكنية للمواطنين الأقل دخلا من أهمية ضمن برنامج داري الذي تشرف عليه مندوبية تآزر، والذي ليس سوى البداية لتشييد 10 آلاف وحدة سكنية موزعة على عدة ولايات.
وفي سبيل استفادة البلاد أكثر من ثرواتها الطبيعية عمدت الحكومة إلى تثمين الثروة السمكية وإنشاء خريطة لمصايد الأسماك باختلاف أنواعها ومراجعة الاتفاقيات في مجال الصيد البحري، كذلك باشرت الشركة الوطنية لتوزيع الأسماك ضخ كميات كبيرة من الأسماك عالية الجودة في السوق المحلي وداخل البلاد بأسعار زهيدة لتوفير أجود الأنواع للمواطن البسيط، كذلك أنشأت الدولة قطبا لتثمين الصيد القاري بالاعتماد على المسطحات المائية والتي تعتبر مكانا ملائما لتكاثر أسماك المياه العذبة مساهمة في سد النقص في سلسلة الأمن الغذائي وتشجيع الاقتصاد المحلي القائم على التنمية.
أما في مجال الثروات الاستخراجية فقد تمت مراجعة عديد الاتفاقيات المعدنية لاستفادة بلادنا من أكبر نسبة من عائدات الإنتاج وتصحيح الاختلالات في اتفاقيات الأساس المبرمة مع شركات استخرتج وإنتاج المعادن، كما أنه تم منح عديد الرخص للتنقيب عن مخزونات معدنية إضافية في مناطق مختلفة من البلاد، ويجري العمل على استغلال مناجم للفوسفات واليورانيوم بالإضافة إلى احتياطي ضخم مكتشف مؤخرا من الحديد، كما أنه يجري الاستعداد لبدء تصدير الغاز الموريتاني السنغالي من بئر السلحفاة باندا الكبير بعد أشهر قليلة، وبالتأكيد فقد عزز اكتشاف بير الله ذو المخزون الضخم من الغاز والخالص لموريتانيا الأمل في دخول نادي مصدري الطاقة في العالم بقوة، كما يرشح بلادنا لأن تكون ثالث مصدر على مستوى القارة الإفريقية.
لكن الدولة لم تكتفي عند هذا الحد بل سعت جاهدة للقيام بترويج الإمكانيات الطبيعية التي تتوفر عليها بلادنا وهي ما يرشحها لتكون قبلة الاستثمار في إنتاج الطاقة الخضراء صديقة البيئة المنتجة من الشمس والهواء، إنها سياسة جديدة قائمة على رؤية استراتيجية لتوفير الطاقة الخضراء المحلية للتصدير وأيضا لإطلاق ثورة في مجال الصناعات المعدنية والصلب كانت العائق الحقيقي أمام إضفاء القيمة المضافة على ثروتنا من الحديد.
لقد مثل صدق توجه الدولة في تقوية اللحمة الإجتماعية ومحاربة التمييز على أساس الثقافة والعرق الأداة المثلى لتعزيز النسيج الإجتماعي فكان خطاب وادان التاريخي الذي ألقاه رئيس الجمهورية بداية هذا المسار والذي عززه بميثاق جول الذي يؤسس لمرحلة جديدة من المساواة والاعتراف لجميع مكونات الشعب الموريتاني بالفضل في تأسيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية على أسس قوية قوامها خدمة الوطن والتضحية بكل غال ونفيس لحمايته، كما يذكي روح التنافس الإيجابي لتقديم الواجب الوطني، فكانت جميع فئات الشعب تشكر لرئيس الجمهورية اهتمامه وحثه على المساواة واحترام كرامة الإنسان الموريتاني وفق سياسة الإنصاف التي كانت عنوانا لكافة سياسات الدولة الاجتماعية والاقتصادية بل وحتى السياسية.
إن كل ما سبق لم يكن يحتاج لعصا سحرية لتنفيذه بل كانت الأداة لتحقيقه تطوير الإدارة العامة وجعلها في خدمة المواطن وتقريب كافة الخدمات منه، وهو ظهر باديا للعيان من قرب الإدارة ومعايشتها لجميع الظروف التي يعيشها المواطن وتقديم الحلول والتدخلات العاجلة لتلبية كافة احتياجاته، وهو ما يمكن تمييزه في تعزيز قدرات الإدارة الإقليمية ومدها بالوسائل الضرورية لتسيير وتسهيل حياة المواطنين أينما كانوا، وليس بحل أزمات ونزاعات المجموعات على الأراضي وآبار المياه للشرب وللماشية سوى أحد هذه التدخلات التي وضعها قطاع الداخلية واللامركزية نصب عينيه للقضاء على مسلكيات تعطيل الأرض، تشجيعا في استغلال المقدرات المحلية في التنمية بشتى مجالاتها الزراعية والحيوانية، كذلك لتعزيز التعايش والتأكيد على حضور الدولة لما له من دعم معنوي يسهم في تسيير الموارد وسيادة القانون.
وقد استفادت ولايات الداخل من جملة من السياسات سواء في تجميع القرى في تجمعات وإنشاء بنية تحية لها تتكون من مساجد ومدارس مزودة بكفالات مدرسية بالإضافة إلى مراكز صحية وشبكات للماء الشروب، ناهيك عن تشييد السدود الخراسنية والترابية وترميم العديد منها، وحفر الآبار، بل ودعم المزارعين والمنمين بكل ما يحتاجونه لخلق اكتفاء ذاتي محلي، ودعم التعاونيات النسوية والأهلية، وبالتوازي مع ذلك عملت الدولة على مشاريع كبيرة لفك العزلة والربط بين المدن بشبكات طرق، وقامت بجهود كبيرة للوقوف في وجه الحرائق من خلال توفير مندوبيات جهوية للأمن المدني بالإضافة إلى الاستباق وشق الممرات العازلة بين المراعي لمنع انتقال وتوسع دائرة الحرائق الموسمية، وكذلك عملت للحيلولة دون غمر مياه الأمطار والفيضات لعديد المدن والقرى في الداخل.
ولا يسعنا هنا إلا أن نعرج على ما تحقق من أخلقة الحياة السياسية الوطنية وجعلها أكثر هدوءً، وهو ما تمثل في إتاحة المجال أمام جميع الأحزاب السياسية لتقديم مقترحاتها وآرائها، وكانت السنة التي سنها فخامة رئيس الجمهورية في فتح الباب أمام القوى للتشاور وأخذ رأيها، وهو ما تجسد بالتشاور التشاركي حول الانتخابات النيابية والبلدية والجهوية الذي قادته الحكومة ممثلة في وزارة الداخلية واللامركزية مع الأحزاب السياسية وأثمر إلى الاتفاق على تنظيم تشاركي يرضي الجميع وينزل عند رغبة وطموحات جميع المشاركين، وهو ما مهد إلى تشكيل وانتخاب اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات وتنظيم الانتخابات في آجالها التي ينص عليها القانون.
إن الوضع الإقليمي والدولي الملتهب الذي لتوه تعافى من تبعات جائحة كوفيد 19 ما يزال يعيش وضعا متأزما بفعل انتشار الإرهاب وحالة عدم الاستقرار وهو ما حدى بالقيادة الوطنية لاتخاذ مقاربة عبارة عن حزمة من السياسات منها العسكري والفكري والتنموي، كذلك الجانب الدبلوماسي وتقوية الشراكة مع مختلف القوى الدولية الحليفة لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري، وهو ما مكن من الحفاظ على كافة التراب الوطني خاليا من تهديد الجماعات المتطرفة، وتعزيز إمكانيات وكفاءة قوات أمننا وقواتنا المسلحة القابضين على جمر حماية الحدود من أي تهديد، وقد تم تحديث وتقوية قوات الجيش والدرك والحرس الوطنية وجعلها قادرة عدة وعتادا وبمعنويات عالية مجابهة ومحو أي تهديد صغر أو كبر لحوزتنا الترابية، كما ساهمت شراكات بلادنا لتطوير البنية التنموية في حزام الحدود بأقصى الشرق وهو ما يوفر تمويلا كبيرا لترقية جهود التنمية وتثبيت السكان والحيلولة دون اعتمادهم على مدن الجوار خارج خط الحدود.
إن السياسة الدبلوماسية الحكيمة التي اتخذتها بلادنا عرفت توازنا كبيرا للتوفيق بين حلفاء بلادنا، خدمة للمصلحة الوطنية، واستنادا على الاحترام المتبادل وصيانة السيادة الوطنية وجعلها فوق كل اعتبار، وهو ما ساعد في أن تلعب بلادنا أدوارا بارزة في تشكيل خارطة العلاقات الجيوسياسية، وتشكيلها قطب الرحى في وضع السياسة بغرب إفريقيا لما تتميز به من قدرات سياسية وعسكرية، وخبرة في مجابهة الفكر المتطرف والجريمة العابرة للحدود، ولما لها من دور فاعل في وقف تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر.
إن أربع سنوات من مأمورية رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني كانت كفيلة لتنفيذ ما صعب تنفيذه خلال أكثر من ستين عاما من الاستقلال، وهو ما يجعلنا متأكدين أن فخامته لو ترشح لمأمورية ثانية سينال ثقة الشعب الموريتاني باستحقاق، لما يعلقه عليه من آمال في إيصال بلادنا لمصاف البلدان المتقدمة اعتمادا على طاقات وسواعد أبنائها وإيمانهم بأنه آن للبلاد الخروج إلى واقع مغاير قوامه التطور والنماء، دامت بلادنا موريتانيا حرة مستقلة، ودام علمها رفرافا على القمم.