لشهر مايو طعم خاص في مدينة الزويرات, و يرتبط الشهر في قلوب الزويراتيين أشد ما ارتباط بذكريات تتفاوت الأحاسيس بها عند سكان أقصى الشمال الموريتاني)الشنقيطي(, فمنهم من يفرح بقدومه, و منهم من يوقظ في نفسه أوجاعا دامية.
ففي مايو تزاد الرواتب بما يقارب النصف, و فيه أيام عطل معوضات, و بهذه و تلك يتغنى الفرحون, و يتباهون طيلة الشهر بكشف الراتب الأكبر على طول السنة في عاصمة المعادن, راتب منه يلبسون, و يقضون الديون, و يعيشون رغدا تعويضا للعجز الذي صبروه طيلة الإحدى عشر شهرا الأخرى من السنة.
و فيه أيضا فاتحه فاتح الحقوق الذي بفضله أصبح بمقدور العامل أن يعلي من شأن مطالبه و يسعى في تطويرها و تعزيزها. أما أتراحه و أحزانه في تيرس زمور, فهي تدمي قلوب ذوي الضحايا, و لا تمر دون سكب بحور من الدموع على شخص غالي راح ضحية إستغلال المعدن الذي نشل موريتانيا من الإفلاس طيلة ال 50 سنة الماضية. و بأسى نتذكر اليوم الضحايا, و نقول لولاك يا معدن لتريث قليلا من أنهيت حياتهم من أجل بريقك, و بقوا معنا بدل ذكراهم..
ذكرى الأوجاع و الآلام .. ذكرى نكران الجميل لبناة إقتصاد مبتدئ,ذكرى عمال كونوا ثروة كبيرة لدولة نالت لتوها ما اصطلح مجازا على تسميته بالإستقلال. إستقلال أكده عمال المعادن من أصدقاء مايو, و صبروا و صابروا على حر تيرس و بردها, على الغبار و الحديد ذو البأس الشديد, و مرت الذكرى سنين و سنين, و ظن مايو أن الهدنة وقعت بينه و بين المخزن, إلى أن أتمت ذكرى القصف سنتها ال 45 تبين أن مايو في سنة 2013 انخدع واهما توقيع هدنة مع السلطات و تكررت مشاهد 1968 و إن بشكل أقل أضرارا حيث لم تقصف الطائرات العمال, و لم ينكل بأسرهم و لم تطاردهم الأحذية الخشنة في البيوت و لا في الشوارع و لا في وديان تيرس و لا في قيعاتها و لم يوضع حد لحياة ولد النهاه كما فعل مع سيدي محمد ولد سميدع,و لم يتهم العمال بالولاء للبوليزاريو و لم يزج بهم في السجون و لم ينكل بأسرهم أمام أعينهم, كما فعل إبان الحقبة الدادهية خلال إضراب 29 مايو 1968 حيث دافعت الدولة بهمجية قوية آنذاك عن المستغلين الفرنسيين.على حساب مواطنين عمال طالبوا بحقوقهم. ضحايا مايو راحوا و اسلموا أرواحهم ..
و بقي مايو..و بقي المستغلون هم أنفسهم و إن غيروا الملابس الأوروبية بدراريع ظافية ..و بقيت الدولة هي الدولة..تغض البصر عن الظالم و تتهم المظلوم. و بذلك يظل طعم مايو في الزويرات طعم مختلط, مره حلو و حلوه مر , ما دامت السلطات لم تأخذ في الحسبان الدور الريادي لعمال المناجم في تثبيت و تقوية أسس الدولة.