يعتبر الوعي بأهمية الماء من الأولويات التى يجب ترسيخها في قيم مجتمعنا لإعتبارات عديدة أهمها، أن هذه المادة نعمة من نعم الله علي البشرية لا تقوم الحياة بدونها ، و أن مصادر المياه عمومًا محدودة قياسًا بالطلب المتزايد عليها نتيجة للنمو الديموغرافي المتسارع للسكان و تطور المدن و توسعها الحضري.
أما من الناحية السياسية و الإستيراتيجية ينظر الكثير من المراقبين أن حروب المستقبل بين الشعوب ستكون كلها بسبب الماء . و بناء عليه ، و نظرًا لأن البقاء هو خيار الإنسان الذي لن يحيد عنه ، فإن السعي للمحافظة علي مصادر وتطوير و صيانة مصادرنا المائية هو واجب و طني مقدس يجب أن يتم بأعلي درجات النجاح .
و للتذكير فإن إختيار موقع مدينة أنواكشوط كعاصمة سياسية للدولة الموريتانية الوليدة سنة 1958م بإعتباره موقعًا إستيراتيجيا يتميز بقربه من المحيط الأطلسي و يسمح بإنفتاح البلاد علي العالم الخارجي كان يصطدم بمشكل ندرة المياه الصالحة للشرب و هو ما شكل وقتها واحدة من أهم التحديات التي واجهت حكومة الإستقلال حيث لم تتمكن من حلها بصفة مستديمة رغم إقامتها " لمشروع إديني الكبير للماء الشروب" في إطار التعاون مع دولة الصين الصديقة و الذي لم يكن يتوفر علي الإحتياطات الكافية لحل المشكل.
و هو ما فرض علي الحكومات المتعاقبة العمل من أجل إيجاد حلول بديلة أكثر شمولية، فتمت إقامة مشروع " أفطوط الساحلي" خلال السنوات الماضية الذي علقت عليه آمال كبيرة في الإسهام في تنمية البلاد و تحقيق رفاهية شعبها.
و من أجل تدعيم هذه المكتسبات و تطويرها بتوفير الماء الشروب لجميع المواطنين في المدن و الأرياف ، قامت الحكومة الموريتانية بتوجيه من فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد بن الشيخ الغزواني بتحقيق إنجازات ملموسة في هذا المجال نذكر منها علي سبيل المثال:
- إنشاء 174 شبكة لتوزيع المياه
- إطلاق مشروع لتوسعة حقل بولنوار
- إنجاز 568 حفرًا للإستغلال
- إنجاز 3553كلم من خطوط الإمداد بالمياه
- إستفادة2055قرية ريفية من برنامج مجانية مياه السرب
- تنفيذ مرحلة جديدة من مشروع أظهر لتوفير المياه في أعوينات أزبل - جكني-لعيون
- إطلاق مشروع للماء و الصرف الصحي في ولايات الحوضين و كوركول و كيديماغا
- تجديد 1489من آليات الضخ و تجهيزات نظم التزويد
- إستفادة 1911بلدة من خدمات الصرف الصحي بالأرياف .
و نحن إذ نثمن هذه الإنجازات التي تمت في وقت قياسي ، فإن هاجس تحقيق الأمن المائي الذي هو جزء من الأمن القومي يظل في الصدارة بالنسبة لنا و هو ما يتطلب تظافر جهود الجميع و تغليب مصلحة الوطن أولًا علي ما سواها.
و لا شك أن زيارة رئيس الجمهورية بالأمس الموافق يوم الأربعاء 15أغسطس من سنة 2023م لمنشآت " أفطوط الساحلي " و الوقوف بنفسه علي مجمل الإختلالات التي تعاني منها هذه المنشآت تعتبر رسالة واضحة من الرئيس للجميع أن العبث بمقدرات البلاد و بأمنها و إستقرارها خط أحمر و علي أصحاب الآمانات أن يحاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسبوا... فهل من مدكر؟