يتحدث البعض عن إخفاقات لحزب تواصل ويركز على عجزه عن استيعاب قادته ومؤسسيه في قيادة الحزب والفشل في توظيفهم توظيفا يناسب حجمهم كما يركز بعض آخر على خط الحزب في مستوى جرعة المعارضة وموقفه من النظام الحالي ويتوجس فريق ثالث من أن هذه قد تكون بداية انحسار للحزب وتراجع لأدائه.
وهي تخوفات مشروعة من حيث المبدأ إلا حزب تواصل غير ءات من فراغ؛ فهو حزب مبادئ وقناعات يستوي فيها القائد والمقود والإطار والمنتسب؛ فكلهم يحمل هم الحزب دون التقيد بالصفة بل هو حزب التيار الإسلامي ذي الانتشار الواسع والمتجذر في عمق الشعب الموريتاني والذي خدم البلد والشعب منذ عقود في مجالات مختلفة كالتعليم والصحة والعمل الخيري والدعوي..فضلا عن العمل السياسي ولا يمكن فصله عن وجدان الشعب وذاكرته الجمعية.
فقد مر العمل السياسي للإسلاميين بمراحل: من بينها الدخول في الأحزاب الوطنية.. ثم المبادرة "الإصلاحيين الوسطيين" ثم الترخيص للحزب بعد نضال طويل مع الأنظمة الدكتاتورية التي ظلت تقف في وجه الإسلاميين ومشروعهم الإصلاحي وكانت المحطة الأصعب مع نظام ولد الطائع والذي ما زال الشاهدون على الصراع معه حاضرين في المشهد اليوم. وقد رخصه الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله بعد أن خاض الإسلاميون الانتخابات في المرحلة الانتقالية عبر مبادرتهم المعروفة "الإصلاحيون الوسطيون" ودخلوا البرلمان من خلالها وانتزعوا قلاع الداخل قبل العاصمة (الطينطان ومقطع لحجار) رغم نزول أركان الدولة، كما فعلوها في كرو في انتخابات 2013 و2023
وظل تواصل يواصل نضاله مع المحافظة على مساره الديمقراطي المجسد في هيئاته واستحقاقاته الداخلية إلى الآن وهذا وحده يكفي من نقاط القوة والقدرة على التطور والثبات على الدرب في آن واحد.
صحيح أنه حصل تباين في الرأي في قيادته مر بمراحل اقتصر في مرحلة على النقاش الداخلي بعيدا عن الساحة الحزبية فضلا عن الإعلامية وكان في فترة الرئيس المؤسس جميل ثم بعد خروجه من الرئاسة انتقل الخلاف إلى الساحة والإعلام ثم وصل إلى اتخاذ المواقف لكن ذلك ظل محصورا في أفراد يحسبون على الأصابع مع تمسكهم بحزبهم كما ظلت الساحة الحزبية تتعاطى معه بمنطق الاختلاف الودي الذي لا يؤثر على صحبة رفقاء الدرب حتى الآن وهذا من أقوى مظاهر القوة إذ الكل يخدم الحزب من موقعه..
ثم اختلفت وجهة نظر القادة في الحزب منذ انتخابات الرئاسة التي جاءت بنظام ولد الغزواني حيث انتهجت المؤسسة الحزبية خطا معارضا باردا.. وفي نظر أصحابه أنه يمثل التعاطي بإيجابية مع الانفتاح والتشاور الذي انتهجه الرئيس الحالي لإعطاء فرصة للإصلاح وما زال ذلك الخط مهيمنا على مواقف الحزب وخطاباته حتى الآن.
وهو ما لم يرق لبعض قادة الحزب حيث لا يرون في النظام الحالي إلا تكريس الفساد وتدمير أسس الديمقراطية وهو ما يجب أن يواجه في نظرهم بمعارضة قوية لا تعطي للنظام فرصة في تجذير الفساد وتدمير البلاد
وفي هذا الجو من التباين جاءت استحقاقات الحزب بصف جديد في القيادة وتأخر آخرون كانوا في الصدارة مما سبب تباينا في تقييم أداء الحزب كما فتح بابا للمرجفين والمشككين
ومن وجهة نظري ومراقبتي لساحة الحزب فإنه في كل استحقاق يزداد قوة وأنه الآن أقوى منه من قبل وليس سخط البعض ولا خروج البعض الآخر دليلا على الضعف بل دليل على أن الحزب لا تنقصه القيادات وخروج بعض قادته من القيادة الإدارية لا يقلل من أدوارهم بل يمنحهم فرصة للتفرغ لأدوار أخرى أهم من العمل الإداري الحزبي الذي استلمه قادة آخرون لا تنقصهم الكفاءة ولا الخبرة.
تجديد الخط أيضا من نقاط القوة يمكن أن يعارض بقوة وأن يعارض دون ذلك وأن يوالي بدرجة ما كما فعل مع نظام الرئيس سيدي بن الشيخ عبد الله
فقدرة الحزب على تحديد خطه في المعارضة من تصعيد وتبريد والتزامه بمواقفه من مظاهر قوته فلا يعني انتهاج الخط البارد في المعارضة الضعف بل العكس فإن تغيير درجة الخطاب وقوة الموقف دليل على التحكم وهو من نقاط القوة والتعاقب القيادي السلس ودخول قادة جدد تكريسا للتداول وتجذيرا للمؤسسية بعيدا عن الجمود على القادة القدماء مهما كانت كفاءتهم من نقاط القوة
فإن بقاء القادة في موقع القيادة بصفة دائمة دمّر دولا ومؤسسات فضلا عن الأحزاب التي أصبحت لا تعرف إلا بأسماء رؤسائها.
ومن نقاط القوة عند تواصل: استمرار عمل مؤسساته بنفس الوتيرة : استحقاقات في وقتها واستخابات عند مقتضاها
ومن نقاط القوة: انتشار الحزب في الوطن ودخول أماكن جديدة لا عهد له بها.
ومن نقاط القوة: تماسك قاعدة الحزب فرغم تباين القادة في المواقف واختلافهم في الرؤى إلا أن ذلك لم يؤثر على العمل الحزبي فما زالت قواعده متماسكة بل متشبثة بالحزب رغم إغراءات الدولة وسياسييها واستخدامها لكل وسائل الـتأثير،
والدليل على ذلك الاستحقاقات الأخيرة حيث غالبت قواعد الحزب الدولة بكل قوتها المالية والوظيفية .. وانتزع الحزب موقع زعامة المعارضة رغم التزوير الممنهج الفاضح.
لا تخافوا على تواصل