يهمنا أن يضرب الشباب والأجيال الناشئة بسهم وافر في علوم العصر، ويتشبعون بثقافته، وأن تدفع بهم معارفهم إلى التمرد على مواضعات الواقع، ونقده بموضوعية، ورفض الاختلالات الظاهرة، لاستشراف عالم واعد، لكن يهمنا أكثر أن يحكم تلك الأحلام نوازع الخصوصية، وثوابت الدين، وركن الهوية.
أصبحنا في هذه الايام كثيراً ما نسمع في مجتمعنا، شبابا يصفون أنفسهم بأنهم " open minded “ و في الحقيقة كنت أظن أن هذا الوصف يعني ببساطة أنهم يرون أنفسهم “متفتحين ذهنيا” وهذا ليس بالأمر السيئ أبدًا، فمن المهم أن يتمتع المرء بقدر وافر من التحرر وسعة الصدر والأفق والمرونة العقلية، بحيث يصبح قادرا على تفهم الآخرين وتقبل اختلافاتهم والتسامح معهم.
لكن يبدو أن الحقيقة غير ذلك، لأنه عندما يطلب منك شخص أن تكون " Open Minded" ، يقصد بطريقة غير مباشرة أن تكون منبطحاً قابلاً لكل ما يخالف أعرافك وأخلاقك وتربيتك وتعاليم دينك وتكوينك الشرقي المحافظ. ف " أوبن مايندد" تعني ببساطة أن نسمح و نتقبل كل تصرفات وأفعال أخلاقية (مشينة) يقوم بها الغير في محيطنا ومجتمعنا مهما كانت، ولقد سطّر ابن خلدون في مقدمته: "أن المغلوب مولع أبدأ بالاقتداء بالغالب".
وينتشر هذا المصطلح الآن بين الشباب الصغير غير الواعي، بالدرجة الأولى، ويدافع عنه كذلك الكثير ممن اتخذوا من إباحية الغرب مصدراً لفكرهم وطريقة حياتهم. فهو المبرر الأبرز لتصرفاتهم وليونتهم وانعدام غيرتهم على أنفسهم وعلى أبنائهم وأعراضهم.
وليس من الحضارة ولا خدمة الحداثة إشاعة الفاحشة، ونشر الفسق والسفسفة والخلابة والفجور في العري، والمجاهرة بالمعاصي.
و طبعاً لن أنسى أننا اصبحنا مجتمعا يحتك و يثمن كثيراً و يقدر من لا يستحق التقدير وهم المخنثين " Gordiguen " فنحن نجالسهم و نخالطهم و هم بالنسبة لنا أهم فئه في المجتمع و أصبحوا في تكاثر هائل لما يحصلون عليه من مال و تقدير، مع العلم أن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم، لعنهم، وقال:"أَخرِجوهم من بيوتكم، فأخرج صلى الله عليه وسلم فلانا، وأخرج عمر فلانة"، كما في البخاري، أما في مجتمعنا فلا تطيب المجالس إلا بهم ولا تتزين الأفراح الا بدعوتهم ومشاركتهم، لأنهم يحملون المهر " أصاداق " و يرقصون به و يتمايلون إن تغيبوا، كأن الفرح لم يتم، عليهم لعنة من الله، و يصافحون النساء و الرجال مع العلم أنهم أجانب عليهم و " هوم گاع الا عله اوتوف ".
إنما يموج به التواصل الاجتماعي من القبائح، وتنظير السفلة من ذوي الأخلاق الذميمة، ومجاراتهم لعادات الآخر واتباع سلطان الشهوات، لا يبعث على الأمل، ويقلق على منهج هذه الأجيال المبتورة، إلا من طيوبة بيئاتها الحاضنة، وسلامة معتقدات أوساطها الاجتماعية.
فلو قمنا اليوم بتقييم مدى التزام المسلمين، عقديًا وفكريًا وسلوكيًا، بصحيح الإسلام، وفق ما جاء في القرآن الكريم والسنة المشرفة، لظننت أننا سنجد أن الكثيرين منهم يمثلون ديانات وفلسفات متنافرة، فيها بضعة غرامات من الإسلام، وكيلوات من التصورات والأفعال الوثنية والشيطانية التي لا علاقة لها بالإسلام من قريب أو بعيد.
ولا تُكسَب الشهرة ولا انتشار الصيت بالتقليد والمحاكاة، ونتمنى أن تتوسع مدارك شبابنا، وتتنوع ثقافتهم، في شغف بالعلم، وتشبث بالقيم ومعالي الأمور، وفي ثقة بالنفس والتزام التربية الحسنة وتمثل القدوة، دون ذوبان ممجوج، ولن يكون الانحلال عامل تقدم، ولن يحيل الإلحاد والزندقة إلى سعادة أو حداثة، تُنَمّى الدولة، أو تنفع الناس، وبمثابرتنا وإخلاصنا لوطننا وأمتنا العربية والإسلامية، نكون بحق مرآة زماننا
لذالك علينا جميعاً أن نكون يداً واحدة و نقف وقفةً واحدة ضد هذه الأمور التي لا تجوز شرعاً و نضع هاشتاغ