يرتبط مفهوم المواطنة ارتباطًا وثيقًا بالحقوق والحريات و كيفية ممارستها. ذلك أن نجاح المواطنة يتوقف بالدرجة الأولي على تحقيق التوازن بين تهيئة المتطلبات الضرورية لتمكين كل فرد من أفراد المجتمع من التمتع بحقوقه كاملة و بين واجبات ذلك الفرد إزاء الدولة التي ينتمي إليها و التي تتكفل بالمسؤولية عن تعزيز و مراعاة الحقوق الواردة في منظومتها التشريعية المعمول بها .
و يشمل عقد المواطنة حسب ما هو متعارف عليه ، حقوق متعددة و متشعبة و في طليعتها حق الحماية و الأمن و حق المشاركة السياسية و حق حرية التعبير إضافة إلى الحقوق الإجتماعية و الإقتصادية كالحق فى التعليم و الرعاية الصحية و حق العمل و السكن ....وغيرها من الحقوق التي لا تستقيم الحياة بدونها.
و في إطار سعيه لتعزيز علاقة المجتمع بالدولة و الإستجابة لجميع حقوق المواطنة الآنفة الذكر ، فقد أعتمد فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد بن الشيخ الغزواني في إطار مقاربته لإدارة الحكم في البلاد على فلسفة " الحكم الرشيد"التي تعطي الأفضلية في بناء الدولة لترسيخ مفهوم " المواطنة" علي حساب الولاء للطائفة و القبيلة و الجهة الذي يعيق التنمية و لا يساعد على القيام بأي عمل جاد للإندماج و التكامل بين جميع مكونات شعبنا .
و لتحقيق هذا الهدف الكبير، فقد أعطى سيادة الرئيس الأولوية في " تعهداته" لتكريس سلطة القانون و الفصل بين السلطات و تطبيق عدالة إجتماعية قوامها العدل و محاربة الفقر و الغبن و الإنحياز للفئات المهمشة من الشعب .
و قد أتخذت في هذا السياق قرارات حكومية حاسمة شملت زيادة الإنفاق في مجال العون الإجتماعي و إطلاق المشاريع التنموية الموجهة لتحسين ظروف المواطنين في الوسطين الحضري و الريفي و توسيع دائرة اللامركزية لتحقيق التنمية الجهوية و إعطاء مزيد من الصلاحيات للوزراء و مختلف المسؤولين الحكوميين لتمكينهم من أداء و اجبهم علي الوجه المطلوب .
اليوم ، فإن إلزام الرئيس لمسيري القطاعات الحكومية للدولةبتقريب الخدمة من المواطن الضعيف يؤكد بجلاء إنحياز الرئيس الثابت و المبدئي لحقوق المواطنة في الدولة الموريتانية الحديثة و تشبثه في الدفاع عن مواطنيها البسطاء الذين لا يملكون أي سند حتي ينالوا حقوقهم في الأمن و العيش الكريم مهما كانت الإكراهات . فهل سنستوعب هذه الرسالة؟