يشعر الإنسان بانتمائه لترابه انتماء عاطفيا لايمكن وصفه ، هنا ولد ، هنا ترعرع ، هنا أهله وذووه ، وتلك داره و ذاك مسكنه ، فيردد الكلمة : "حب الوطن من الإيمان " متذكرا قول الحبيب صلى الله عليه وسلم حين أخرج من وطنه الأصلي "مكة " : {والله إنك لمن أحب البلاد إلي ولولا أني أخرجت منك ماخرجت} ، صدق ووفاء من خير الخلق .
هو الوطن يدك الثالثه ، وعينك الثالثه ، ورجلك الثالثه ، تحس به في جسمك وفي خيالك يعيش ليغريك بماضيك ، ويمنيك بغد مشرق . هيهات !! هيهات !! حين ندعي وطنا خذلناه ، على أرضه ترعرنا ، وعلى أرضه بعناه ، إن قلتم الوطن وطن الحكومات ، فأين حجتكم ؟ وإن قلتم بل وطن الموالاة فأين برهانكم ؟ وفي المعارضة رجال كثر يتغنون بوطن ضل عليهم عقودا ، ولم يعرفوا عفاصه ولاوكاءه . وفي الشعب رجال كثر يتغنون بوطن سكنوا دياره عقود ، وصفقوا لكل جديد ، والوطن وطنهم . وطن من أنت ياوطني ؟ وما أنا من "الثلاثة" ببعيد أسمحولي... "ياوطني" هل أنت وطن شخص أوحكومة أو ثلة ؟ أم أنت وطن نفسك ؟ لو قدر لوطن في الدنيا أن ينتحر لكان الوطن وطني . سيكتب التاريخ عنكم يامعشر المصلحين الذين زين لكم إبليس أعمالكم وأنتم تحسبون أنكم تحسنون صنعا. لو كانت سماء دولة يمكن أن تنهب وتسلب لنهبت وسلبت "موريتانيا" حتى كواكبها ونجومها تختفي في صفقات خارجية وبدون رقيب من أحد .
هو "أنت" الحاكم العادل الماكر المتلون في كل يوم تلبس ثوبا ، وفي كل يوم تتضح صورتك للعيان ، حتى عرفك الصغير قبل الكبير أنك أنت :أنت . إليك ياحارس الوطن ، وياجنديه المخلص أهدي إليك كلمات من حروف قلب جريح جُن جنونا لادواء له سوى وطنيتك المخلصه التي ضلت وأضلت . إليك ياحارس الوطن أهدي إليك معاناة شعب أنت سيده يموت سريريا يغني بوطنه كما تغني أنت وزمرتك . وطن من أنت ؟ بمقدراتك وبتاريخك الذهبي بلاد شنقيط ، أرض المنارة والرباط ، هي ملك من ؟ وأرض من ؟ من يحمل الراية ؟ ومن يذود عن حوض شنقيط ؟ ومن يحمل هموم البلاد والعباد؟
أنا المواطن !! أنت الحاكم !! أم أنت المعارضه !! تسلموا جميعا ...تسلموا ستحملون كل همه ، وبدون عناء ، وقد شهد الوطن وبكل ذرة من ترابه أن الجميع مفرط وغير مفرط في همه الشخصي ، فأنى وجد مصلحته فلاوطن ولاأصل له ولافرع ، فهو ابن بطنه المتخم بأموال الشعوب المغلوبة على أمرها.
تسلموا جميعا... لن يكون لكم وطن حقيقي تهتفون به بعد اليوم وأنتم تلعنونه بأفواهكم ، وتضربونه بأرجلكم لن يكون لكم بعد اليوم إلا وطن "الخيال" فأين علمكم الخيالي ، وترابكم الفضية المنتهية الصلاحية . في الوطن نسوة بكين الوطن دما... في الوطن أطفال جاعوا وماتوا وماشيعوا ...وفي أرضهم الكنوز لو علموا. في الوطن عجوز تدعو كل يوم "ربها" أن يرد ولدها الوحيد الذي أعرض عن بلاده ويمم وجهه شطر المخاطر يريد لقمة العيش ، فساعة يرى الموت يصافحه ، وساعة يجد نقودا زهيدة يوزعها بين أهله ويفنى عمره في غربته ...والعجوز تنادي "رباه !! رباه !! ولدي ...ولدي . في الوطن بحر هو بحرمن ؟ ونهر هو نهرمن ؟ ومعادن آنسها الأجنبي فباعها ، وسمعها المواطن وما انتفع بها. في الوطن معارضه ... فيه موافقه ...وفيه متفرجون إن سمعوا موت الدولة رددوا :{إنا لله وإنا إليه راجعون} ، وإن سمعوا خبر :"فلان نجح " قالوا :(حق بها وأهلها ). في الوطن مثقفون فمنهم من تعرف ...ومنهم من تنكر ولكنهم ظنوا "موريتانيا" أرض الكوفة أو البصرة فتحدثوا عن الإعراب والشعر والأدب ، ولم يركبوا موجة العصر ومتطلباته . هنيئا لكل من يدعي وطنا وبدون ثمن ....هنيئا ... خذ بلاد شنقيط ، يكفيك أن تنشر المنشورات ، وتوزع خيرات البلد بين رجال يتقنون فن السرقة ، وفن الإصلاح ، فهم مفسدون مصلحون . وطن من أنت إذا ؟ أناديك اختر لنفسك أيها الوطن الجميل . اختر لنفسك فإنك بلغت من الكبر عتيا ...ستون عاما ولم تخرج من نفقك المظلم ، من نفق إلى نفق ، حتى حرموك سماء في نفقك ، وكل يدعي حبك وأنت في وحلك . وطن من أنت ...لهفي عليك ستنتصر ...ستنتصر... تحياتي ...