سياسة العسكر لا تتبدل ومنطق العنف وعقلية الرصاص والمفتاح والقفل ودموية المعاملة طابع هذا النظام الذي يميزه عن كل الأنظمة التي عرفتها البلاد فهذا النظام لا يعترف للمواطنين بحقوق ولا يفهم معنى المطالب ومع ذالك لا يسمح للمواطنين بالتعبير عن المعاناة التي يعيشونها ويحسب كل صوت وكل مظاهرة معارضةً وتهديدا لحكمه وسلطته وجاهه !!
ولكن ما نراه اليوم في العاصمة الاقتصادية أنواذيبو وفي مدينة مكطع لحجار وفي مدينة الزيرات ومدينة كرو ويوميات العاصمة نواكشوط التي لا تخطئها المسيرات والإعتصامات والمظاهرات السلمية ومع ذالك يقمع هذا النظام كل منادي يرفع شعار الحقوق ويطالب بحقه في الحياة بحقه العمل يطالب بحقه في الرزق ...
لقد توصل العالم اليوم إلى حقيقة لا غبار عليها أن المطالب لا يمكن قمعها ولا يمكن قمع الشعوب وإسكاتها بالرصاص والعنف والضغوط النفسية والمادية والمعنوية على طريقة المافيات .
وعندما يصرخ الشعب صرخة رجل واحد مطالبا بحقوقه المشروعة فلا شيء يمكن أن يسكته ولا حتى آلة القمع هذه حقيقة أرستها تجربة الربيع العربي . ولقد تغير شيء ما في موريتانيا بعد الربيع العربي فالشعب الموريتاني أصبح أكثر نضجا وشجاعة في مواجهة آلة القمع وأصبح واعيا بأن المطالب والحقوق لا تمنح ولا تعطى بل تنتزع انتزاعا من آلة القمع ومن أنياب الأنظمة العسكرية الفاسدة.
ومع استمرار هذا النظام في قمع المطالب الشعبية التي يحملها أبناء هذا الوطن من عمال وحملة شهادات وسياسيين وفقراء مهجرين من بيوتهم يبقى الشعب محافظا على سلمية التظاهر في مظهر حضاري يحاول النظام اليوم النيل منه بواسطة نشر عناصر من البلطجة !! واللصوص والهمج لينشروا الرعب ويخربوا البيوت ويدمروا ويحرقوا لبث صورة مزيفة عن هوية أبناء هذا الشعب الذين يحملون مطالبا مشروعة وحقوق محفوظة لهم في الدستور ولكن لا غرابة في أن يتنكر هذا النظام للقوانين والنصوص الدستورية فهو الذي أنقلب على النظام الشرعي وعلى الشرعية الدستورية دون مبرر ودون أن يحسب أي حساب لإرادة هذا الشعب ولا للنصوص القانونية والأخلاقية .
ولاكن الشعوب التي أفاقت قبلنا وانتزعت حقوقها ومطالبها من حكام فاشلين وفاسدين أعطتنا درسا قيما مفاده أن مطالب الشعب وحقوقه المشروعة لا يمكن أن تظل مسلوبة من قبل أنظمة فاشلة وفاسدة وجبانة تختبئ وراء دخان مسيلات الدموع .. وأن الشعب عندما يريد فلابد أن يستجيب الحاكم أو يذهب إلى الجحيم .
محمد حسن ولد أمحمد
صحفي وكاتب
[email protected]
