من انتصر على من في القصير؟ / محمد الأمين ولد الفاضل

سارع الحزب ـ والذي لن أضيف له من الآن اسم الجلالة، كما أني  لن أطلق عليه  حزب اللات كما يفعل البعض ـ إلى تنظيم احتفالات بالضاحية الجنوبية من بيروت، وزع خلالها الحلوى على المارة بمناسبة انتصاره في القصير، وسارعت إيران إلى تهنئة النظام السوري بذلك الانتصار. ولقد فات الحزب بأن الانتصار في القصير

 لن يكون إلا نذير شؤم له، حتى وإن التحف ذلك النذير، ولفترة لن تطول قطعا، بغطاء براق وفاتن، لكي يبدو وكأنه بشارة نصر، وذلك من قبل أن تظهر تلك البشارة على حقيقتها المفجعة، فيتضح بأنها لم تكن إلا بشارة مغشوشة وزائفة.

فليسارع الحزب بتوزيع الحلوى، فعمر البشارة بسقوط القصير سيكون قصيرا، وليقم الأفراح، وليحيي الليالي الملاح في الضاحية الجنوبية من بيروت، ولكن على الحزب أن يعلم بأن أيامه القادمة ستكون حبلى بالفواجع، وبالأحزان، وبالهزائم المريرة.

وعلى الحزب أن يُبدل، ومن الآن، شعاره الشهير الذي يقول بأن زمن الهزائم قد ولَّى، بشعار جديد يتناسب مع المرحلة، بشعار يقول بأن زمن انتصارات الحزب قد ولَّى، وإلى غير رجعة.

لن يكون هناك أي نصر بعد القصير يا سماحة السيد حسن نصر الله، إطلاقا لن يكون هناك أي نصر، لن يكون هناك يا سماحة السيد إلا الصراخ والعويل، ولطم الخدود، وما إلى ذلك مما تعرفون، ومما تتقنون.

ستهزمون يا حسن هزيمة نكراء، هزيمة ما كنا نتمناها لكم، وما كنا نريدها لكم، ولكنكم رغما عنا أردتموها، فليكن ما أردتم يا سماحة السيد.

ستهزمون يا حسن لأن الغازي كثيرا ما يهزم، خاصة إذا ما كان هذا الغازي بحجمكم، وإذا ما كان من يتعرض للغزو هو بحجم الشعب السوري العظيم.

ستهزمون يا حسن لأن نقطة قوتكم الوحيدة، والتي جلبت لكم كل الانتصارات الماضية، هي أنكم جعلتم من العدو الصهيوني هو عدوكم الأول، وهي أنكم كنتم تحاولون دائما أن لا تنجروا إلى معارك جانبية مع أعداء موسميين، أو ووهميين. أما أنكم الآن قد أمطتم اللثام عن وجهكم الطائفي، وقررتم أن تشاركوا النظام السوري الزائل في بطشه ووحشيته، فأعلموا أن مصيركم لن يختلف عن مصيره، وبئس المصير.

ستهزمون يا حسن لأنكم لم تتركوا لعلماء الأمة، ولا لمفكريها ولا لعقلائها  أي حجة، حتى ولو كانت واهية، للدفاع عنكم، وللوقوف في وجه ما  يراد بكم، وما يُراد بنا،  وكم هو مخيف ـ يا حسن ـ ما يراد بكم، وما يراد بنا.

صحيح لقد سقطت القصير في أيدي مقاتليكم، ولكن الصحيح أيضا هو أنكم  أنتم ـ يا حسن ـ قد سقطتم شر سقطة. سقطتم من قلوب العقلاء، وسقطتم من قلوب بقية من العلماء ظلت تُدافع عنكم وإلى وقت قريب، ولكنها اليوم أصبحت تتحدث عنكم بما لا يُطاق سماعه.

ستهزمون يا حسن لأن الأمر لم يعد بيد العقلاء من الأمة، وأنتم هم من أراد ذلك، بعدما تصرفتم تصرفا لا يُقدم عليه أي عاقل. فغدا ستجمع الأموال الطائلة من الخليج، وستنفق هذه المرة بكرم، وسيتطوع الآلاف من الشباب المتطرفين ربما، المعتدلين ربما، لينتقموا منكم لأهل القصير، وليستعيدوا كرامة السنة التي أهانها الشيعة باحتلال القصير.

وسيكون القصير هو كربلاء أهل السنة.

هذه هي الحرب المذهبية التي ستجبرون الملايين على أن يخوضوها ضدكم، فليَكن ما أردتم يا حسن، ولكن عليكم أن تعلموا بأن المهزوم الأول فيها سيكون أنتم، أما المنتصر فلن يكون قطعا أهل السنة.

المنتصر الوحيد سيكون هو العدو الصهيوني الذي شارككم فرحكم يوم أمس، وَلم لا يفرح هذا العدو، وهو يرى الحلوى توزع بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين للنكبة، أو بمناسبة سقوط القصير في أيديكم، لا فرق، فكلاهما ـ أي النكبة و سقوط القصير ـ يُعد نكبة عظيمة للأمة.

وربما تكون نكبة سقوط القصير أعظم، لأنها قد تكون شرارة لحرب طائفية مخيفة، لن يضيع فيها الجولان لوحده، بل ستضيع فيها الأمة بكاملها. وستكون أوزار تلك الحرب، كل أوزارها، في صحيفتكم يا حسن، وفي الصحيفة السوداء للطاغية بشار، والذي لو كان في قلبه ـ إن كانت في جسده مضغة يمكن أن تسميتها بالقلب ـ مثقال ذرة من عقل أو ومن وطنية لما جلب لسوريا كل هذا الخراب وكل هذه الكوارث التي تعيشها اليوم.

حفظ الله موريتانيا..

محمد الأمين ولد الفاضل

[email protected]

 

6. يونيو 2013 - 18:11

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا