عبثا يحاول الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز و زبانيته إقناعنا بأنه " رئيس الفقراء" و أنه مَن يحارب الفساد و يسعى لتنمية البلاد إذ تتكشّف حقيقته مع مرور الزمن و تـُثبت الوقائع على الأرض أن سيادته مخالف لكل ما يدّعي هو و أغلبيته التي تعودت دعم كل حاكم ظالم .و إذا استمرت السياسيات الظالمة التي ينفذها سيادته فسيصبح –قريبا- رئيسا لبلد كل سكانه فقراء باستثناء مجموعة قليلة من المؤيدين له تسكن و ترعى حول حِمى القصر..!
أما محاربة الفساد فقد تحولت إلى وسيلة لإسكات بعض الخصوم و إبعادهم عن الواجهة و الانتقام من بعضهم الآخر, و قد قضى بعض ضحاياها سنتين في السجن ( ملف سونمكس) و تم إطلاق سراحهم دون إدانتهم, بينما يخضع مفوض حقوق الإنسان السابق لسجن تحكمي ظالم و طويل...و مع ذلك يتفنـّن الرئيس و أغلبيته في منح صفقات عمومية ( بالتراضي) بعيدا عن الشروط القانونية , كما يتم صرف الميزانية العمومية خلافا لما صادق عليه البرلمان الموالي للسلطة و يتم إنفاق ما يقارب نصف مليار من الأوقية على زيارتين لسيادته دون كبير فائدة!!
و أما الديمقراطية فقد تحولت إلى كـِذبة مكشوفة , فالرئيس الذي وصل للسلطة عبر انقلاب و اتهمه الكثيرون بالتزوير في وصوله للسلطة بعد اتفاق داكار و قبلوا به على مضض من أجل أن يجنبوا البلاد كوارث و أزمات هي في غنى عنها ها هو يثبت يوما بعد يوم أنه طاغية و متكبر و أنه يرفض التظاهر السلمي..و التعبير عن الرأي –بالنسبة لمخالفيه- الذين يمنحهم العصي و الهراوات و يستقبل مؤيديه في القصر و يسقيهم "ماء زمزم"!
وكما يعلم الجميع فلم يسلم من قمع شرطة الرئيس أطفال المدارس الابتدائية و لا طلاب الاعداديات و الثانويات , أما طلاب المعاهد و الجامعات و منظمات الأحزاب الشبابية فلهم من زبانية الجنرال الاعتقال و الويل و الثبور , و لعل ما حصل صباح اليوم (الأربعاء 16 مايو) خير دليل على ذلك!!كما أن انعقاد برلمان غير شرعي و تأخير الانتخابات عن موعدها الأصلي و عدم توفير بطاقات انتخابات وطنية للاقتراع كلها أمور تثبت انعدام الديمقراطية الحقيقية و خضوعها لرغبة ساكن القصر الرمادي و سعيه للبقاء و الخلود هناك!
لقد استخدم الرئيس كل إمكانات الدولة لتثبيت ملكه وإضعاف خصومه و إجبارهم على الانصياع لرغباته, و في هذا الإطار تم استخدام القنابل و الكلاب و الشرطة و مُـعدّات الإطفاء لتفريق المعارضة و ضربها مقابل ترك المواطنين يعانون من جحيم الجرائم و السرقة و التلصص و إمكانية تلف ممتلكاتهم بسبب حريق ذهب من ينبغي أن يُخمده إلى " مسجد ابن عباس" لا للصلاة بل لإخماد ثورة لن يستطيع إخمادها و إن ساهم في تأخيرها إلى حين!
تحولت معظم برامج دعم الشباب إلى أموال تؤسس بها بنوك شخصية لبعض الشباب!! , و تحولت الشركات الوطنية إلى شركة وطنية يملكها الرئيس و أقاربه و مقربون منه كما تقول مصادر إعلامية عديدة!!
لقد قام الرئيس بتحصين مفسدين كبار لهم علاقات به , و انتقل بعضهم من منصب كبير إلى آخر أكبر منه رغم ما قيل عنه من فساد و رشوة و اختلاس و غلول..!...و تم جلب "معارضين" سابقين إلى الأغلبية رغم اتهام الرئيس لهم ببيع الأرز الفاسد و سرقة أموال "صندوق الضمان الصحي" و ميزانية "الجمعية الوطنية" و مُنح بعضهم جواز سفر دبلوماسي وتم تعيين بعضهم في مجالس إدارة شركات و مؤسسات وطنية, و أصبح بعضهم مستشارا لرئيس الفقراء و مؤيدا لصاحب الحرب على الفساد و باني البلاد!!!
تحول برنامج "أمل" إلى وسيلة لابتزاز المواطنين الضعفاء, و لأول مرة في موريتانيا يتم توجيه الإدارة الإقليمية إلى حرمان المعارضين من البرنامج, كما تم استخدام بعض ممتلكات الشعب و ثرواته من أجل إغراء بعض الفقراء بالرضوخ لنزوات الأغلبية و الابتعاد عن المعارضة مقابل سمك صغير و عديم الفائدة!!
و لم يقف الأمر عند ذلك بل استخدم الرئيس و أغلبيته ثروة الشعب للسيطرة أكثر و تم استخدام الإعلام العمومي للتضليل و الدعاية للحزب الحاكم و شركائه في الظلم و التطفيف و تم استئجار أقلام و ألسنة مسمومة و رخيصة لذم المعارضة و قادتها و تصويرهم و كأنهم شياطين يسعون إلى حرق الأخضر و اليابس و أنهم –كالجنرال و زبانيته- متعطشون للوصول للسلطة و الاحتفاظ بها بأي ثمن!!
امتلأت الصحف المطبوعة و مواقع الانترنت و الشبكات الاجتماعية بسيل جارف من الكلمات المسمومة الموجهة لكل راغب في التغيير و الإصلاح متهمة إياه بالخروج على السلطان و السعي للإفساد في الأرض و نشر الفساد و الحرب الأهلية و تمت الاستعانة ببعض "فقهاء السلطان" لتبرير ذلك و هم من تعودوا السكوت و الخنوع و القبول بظلم الحاكم و البقاء في صفه و ظله أيا كان!! .!
كل ذلك إرضاء لنزوة رجل و مجموعة قليلة تعودت ركوب ظهورنا و سرقة ثرواتنا و بيعها للشركات العالمية مقابل رشاوى و امتيازات لهم , و في هذا الإطار فقد بيعت ثروة السمك لشركة صينية –لتأتي على ما يتركه الأوروبيون و اليابانيون و الروس و الكوريون,كما تم بيع ثروات معدنية لشركات استرالية و عالمية , و تم بيع مناجم بقيمة لا تساوي عُشر قيمتها !
رغم الجفاف و القحط و ضعف –بل و انعدام- خدمات الماء و الكهرباء في كثير من مناطق البلاد واصـَلَ أهلها التظاهر مطالبين بتغيير أوضاعهم و تحسينها دون أن يجدوا آذانا صاغية من الأغلبية ...رغم كل ذلك يستمر الرئيس و أغلبته بالتبجّح بمنجزات عملاقة لم تر النور بعد!! , و كما يعلم الجميع فقد تم الإعلان عن تدشين مشاريع لم تنطلق بعد, و أخرى لم تحصل على تمويل, لكن "في زخرف القول تزيينا لباطله" !
الشيء الوحيد الذي يدّعي الرئيس و أغلبيته أنه أنجزه هو الطرق, و قد قيل الكثير عن هذه الطرق بدءا بطريقة منح صفقاتها و انتهاء بالجهات المتعاونة -المتمالية- في تنفيذها و التي لها علاقة بالرئيس و محيطه الضيق!و مع ذلك فهي و إن كانت مستوفية للشروط الشكلية إلا أنها كسابقاتها في عهد الرئيس معاوية تبدأ في التآكل بعد أسابيع من تدشينها و "استلامها" من طرف الجهات المسؤولة ....!
لقد ارتفعت الأسعار بشكل مذهل و انخفضت قيمة الأوقية باستمرار و استفحلت مشاكل الصحة و التعليم في ظل رئيس الفقراء , كما تم شغل الناس بمعارك وهمية حتى يبقى الرئيس و أغلبيته في السلطة مهما كلف الثمن ...
آن للشعب الموريتاني أن يـُعلن –و بوضوح- رفضه لاستمرار السياسيات الحالية للنظام و المتمثلة في قهره و إفقاره و بيع ثرواته و رهنه لجماعة تعودت اختلاس المال العام و تهريب أموال الشعب للخارج و دعم كل انقلابي و حاكم متسلط , و آن لظلم الجلاّد و شرطته أن يتوقف, و آن للقهر و التهميش أن ينتهي و يتوقف , و آن لكل مواطن أن يقول لكل ذلك " لا" بمليء فيه .
آن لرئيس الفقراء و زبانيته أن يترجـّلوا و يتركوا الأمر لأهله, و آن للشعب أن يقود زمام المبادرة و أن يُعلنها حربا على الفساد و المفسدين الحقيقيين و الظالمين, و أن يسأل كل حاكم عما فعل, وكل ظالم و مستبد لم ظلم و استبد؟ و آن للعدالة و الحرية و التنمية و الاستقرار أن تسود .. و لكن لن يتحقق ذلك قبل رحيل "رئيس الفقر و الفساد و الطغيان" و زبانيته.
بقلم : عبد القادر ولد الصيام