لقد كشفت وثيقة الميثاق الجمهوري عن فهم متقدم وقراءة استباقية لتحولات اقليمية ودولية بدأت تطرق أبوابا غير بعيدة منا وتحتاج الى وضع حواجز ومصدات قوية في وجه رياحها. والعاقل من يتعظ من تجارب الآخرين قبل ان يكون موطنا للتجربة. فمهما كان ضعف مستوى تأثرنا بالأحداث من حولنا فلا ينبغي أن يمنعنا ذلك من رص الصفوف وتقوية جبهتنا الداخلية وسد كل منافذ الإختراق مهما كانت وذلك من باب (أحْكَم أحكم الا اتزيد احكيم) لذلك جاءت الدعوة الى تبني هذه الوثيقة من طرف الجميع من اجل ازالة كل العقبات أمام تشاور ونقاش وحوار جدي يعالج الاشكالات الوطنية بروح وعقل حماة الوطن الذائدين عن حياضه والمؤمنين بوحدته بعيدا عن منطق الابتزاز السياسي والمظلومية الكاذبة والخادعة.
ان فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بهذا الميثاق يكون قد اعطى إشارة انطلاق تأسيس الجمهورية الجديدة، جمهورية على كل الموريتانيين المشاركة في صياغة عقدها الاجتماعي، عقد ينبغي أن يكرس دولة المواطنة الدولة الرحيمة دولة الإنصاف التي تحمي الحقوق وتضمن حق الاختلاف والتنوع وترسي دعائم نظام ديمقراطي يكفل حق التناوب ويعالج مواطن الخلل في المنظومة الانتخابية دون أن ننسى مشاكل تعيق تنمية البلد من قبيل حل مشاكل النظام العقاري وتوزيع الأراضي الزراعية والنظام التعليمي وغير ذلك من المشاكل المطروحة والتي تستوجب معالجة وطنية جامعة.
انها مرحلة مهمة وفرصة تاريخية ينبغي أن لا تضيعها القوى السياسية مثلما ضيعت فرصا عديدة اتاحها هذا العهد (والأمثلة كثيرة) وخصوصا تلك القوى والحركات والاحزاب السياسية التي ناصبت الوطن العداء منذ أمد بعيد للتكفير عن ماضيها والاندماج والتفاعل بشكل إيجابي مع المجتمع، ثقافة، لغة وهوية والانضمام لقطار التغيير الهادئ والمسؤول الذي يقوده فخامة رئيس الجمهورية قبل ان يفوتهم الى غير رجعة.