الحمد لله وسلام على عباده الذين الصطفى أما بعد فقد أدى الرئيس محمد خون ولد هيداله ما عليه فألغى عطلة الأحد وقرر تطبيق الشريعة الإسلامية بتوفيق من الله تعالى وقد أعانه على ذلك إيمانه وشجاعته ولم يجد من أعضاء اللجنة العسكرية معارضة لهذا القرار خلا بعض الأصوات الشاذة ومضى الرجل في تنفيذ قراره فشكل المحاكم
لهذا الغرض وعين الشيخ محمد سالم ولد عدود على رأس المحكمة العليا ووثق صلته بالإمام بداه بن البوصيري وكان القاضي ابين ولد ببانه والقاضي عبد الله ولد الركاد في المقدمة في ميدان تنفيذ هذا القرار وكان جمهور الأمة مع هذا القرار التاريخي العظيم وسارت المسيرات المؤيدة وكان العلماء هم النجوم التي يهتدى بها في مجال التقنين الإسلامي.
ورغم فرحة المسلمين العظيمة بهذا القرار فإنه في الجانب الآخر وقفت فرنسا حاميةُ حقوق الشواذ في وجه القرار ونصحت بإلغائه لكن الرجل لم يتراجع ولم يلن وما كان له أن يتراجع عن شرع الله إلى حكم الجاهلية وضغطت المنظمات الناشطة في مجال حقوق القتلة واللصوص وشبكات الإجرام من أجل إلغاء القرار ومنَّت بالتمويلات الكبيرة إذا تمت الاستجابة ولكن الرجل لم يخضع ولم يتضعضع. وشنَّت الحركة الوطنية الديموقراطية حربها على القرار وصورت المجتمع الموريتاني وقد تحول من بلد المليون شاعر إلى بلد المليون مقطوع كما نقل عنهم محمد خون ولد هيداله في مذكراته. ولكن شعور الرجل بأنه يؤدي فرضا لا خيار له في التنازل عنه (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) وأن المؤمنين يؤيدونه وأن علماء الأمة يقفون معه كان كافيا لتبديد تلبيس إبليس.
غير أن فرنسا البغي ما كانت لتتحمل تطبيق قوانين تجرم البغاء والشذوذ وتدل على أن المطبقين لهذه القوانين أحرار يتمتعون بنعمة الاستقلال وتعبر عن الخروج عن حظيرة الاسترقاق الفرنسي التي تقف على بوابتها المنظمات الحكومية بعِصيِّها الغليظة ففكرت وقدرت ودبرت انقلاب الثاني عشر من شهر كانون الأول 1984 فعطل قائد الانقلاب القوانين الشرعية وهل جاء إلا لذلك؟ وسكت المسلمون على تعطيل الشريعة.
وبدل أن ينطلقوا في أسلمة الحياة وصبغها بالصبغة الربانية وغسل أوضار الجاهلية عنها ويتوبوا إلى الله عز وجل من الخضوع لأحكام الجاهلية الظالمة استمرؤوا السكوت ورضوا بالقعود فظلت هذه الأحكام حبيسة الأدراج معطلة تنتظر القائد الشجاع الذي لا يخاف في الله لومة لائم لينفذها. واليوم وبعد أن جرى الحديث عن تغيير هذه القوانين أقول: يا أنصار الشريعة هبوا لنصرة الشريعة وأُعْلِنُهَا صريحة: إن تغيير القوانين الشرعية وإحلال القوانين الجاهلية محلها وتقنين ذلك ارتداد عن الإسلام.
ولم يعرف المسلمون في تاريخهم القديم مدونات يُحْكَمُ بها خارج أحكام الشرع قبل غزو التتار؛ فلما جاء التتار جاءوا يحملون معهم إلى بلاد المسلمين القوانين التي وضعها ملكهم جنكيزخان المتوفى سنة 624 وكانت تسمى (الياسا) أو (الياسق).
وهو كما يقول ابن كثير في تفسيره "عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره". قال ابن كثير "فصارت في بنيه شرعا متبعا يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير".
إن على المسلمين في هذا البلد أن يقفوا بكل قوة في وجه المحاولات القديمة الجديدة الهادفة إلى إلغاء أحكام الشريعة وعلى كافة العاملين للإسلام في أي موقع من المواقع أن يوحدوا جهودهم من خلال فرض تنفيذ قوانين الشريعة المعطلة وأن يضحوا في سبيل ذلك فليس من المقبول أن تظل أحكام الشريعة معطلة لا لشيء إلا لأن الدول الراعية لحقوق الشواذ والمنظمات الحامية لحقوق اللصوص والقتلة والمجرمين ترفض أن يتمتع المسلمون بحقوقهم في تطبيق شريعتهم واستقلال تقنينهم وتحريرهم من رق الاستعمار.
إن الشريعة يجب أن تحكم والاستعمار يجب أن يرحل (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).