في المرة السابقة تناولت الوضع في ثانوية باكودين جنوب شرق ولاية لبراكنه، أما الآن فسأعطيكم صورة عن معاناة إعدادية توجنين 2 في انواكشوط أو إعدادية اباه كما يسميها البعض.
تقع هذه الاعدادية قرب مستشفى الشيخ زايد، والدخول إلى ساحتها أو فصول الدراسة بها أمر متاح في أي لحظة لكل من يرغب في ذلك، فسور الاعدادية يغطيه كثيب رملي من الناحية الجنوبية الشرقية ووجود بابها مطروح أرضا في الناحية الغربية يمكن المارة من اختصار الطريق، فبدل محاذاة سور المؤسسة يدخلون غربا من الباب أو يجتازون السور شرقا ويجوبون ساحة الاعدادية جيئة وذهابا، مما خلق وضعا من غياب الأمن الخطير في المؤسسة.
إعدادية اباه بها 12 قاعة للدراسة و مختبر ومكتبة ومبنى للإدارة، 6 من فصول الدراسة تم بناؤها حديثا ولذلك ما زالت أرضيتها الاسمنتية متماسكة، غير أن سبورات هذه القاعات من الإسمنت ولم تعد صالحة للاستخدام إلى حد كبير، فرغم أنها في ظاهرها في وضع جيد إلا أنها أصبحت ملساء بحيث لا تؤثر فيها الطباشير ولا يبقى عليها أثر مقروء للكتابة.
أما في أغلب باقي القاعات فالأرضية متقعرة وتغطيها الرمال والأوساخ وكل سبوراتها اسمنتية ومتقعرة ومتشققة بحيث لم تعد صالحة للاستخدام منذ عدة سنوات. وبما أن السبورات هي وسيلة الإيضاح الرئيسة، فقد دأب الأساتذة على لفت انتباه المديرين الذين توالوا في السنوات الأخيرة على تسيير المؤسسة على وضع هذه السبورات مستخدمين في ذلك جميع الوسائل بما فيها التوقف عن العمل، لكن بدون جدوى. والقاعات ملآ بالقمامة وإن حصل أن تم تنظيفها فذلك بفعل التلاميذ، فهم يستخدمون لتنظيفها كما يستخدمون لتنظيف مبنى الإدارة ونقل الطاولات.
وفي هذه القاعات تزدحم أعداد كبيرة من التلاميذ تزيد في بعضها على الثمانين.
المراحيض المخصصة للتلاميذ موجودة في الناحية الشرقية الجنوبية من الساحة وقد احتلتها الرمال ولم تعد صالحة للاستعمال، مما أدى إلى تزاحم التلاميذ مع الأساتذة وأعضاء الإدارة عند باب المرحاض الوحيد المخصص لهيئة التأطير رغم تناثر الفضلات ومستنقعات البول داخله وسقوط بابه المطروح على الأرض في أغلب الأحيان.
قبل أربع سنوات بذل المدير السابق للمؤسسة جهودا معتبرة مكنته من ربط الاعدادية بشبكتي الماء والكهرباء لكن هاتين الخدمتين لم تتجاوزا الباب الخارجي حتى الساعة، وذلك رغم التزام وزير الدولة بتوصيل باقي المؤسسة بالماء والكهرباء، كان ذلك خلال زيارة قام بها للمؤسسة قبل سنتين.
والماء والكهرباء مرفقان لا يعقل أن يغيبا عن مؤسسة تعليمية في يومنا هذا خاصة في قلب العاصمة، فعلى سبيل المثال عدم توصيل إدارة الإعدادية وقاعاتها بالكهرباء يحول دون استخدام آلة عرض الشرائح بالمخبر وأجهزة الحاسوب، إن كانت هذه المعدات ما تزال موجودة بالمؤسسة.
غياب الدولة عن إعدادية اباه جعل قانون الغاب يسود فيها كمنهج للتسيير خلال السنتين الأخيرتين، فترك الحبل على الغارب للمقربين مما أضعف حماس الموظفين الملتزمين وخلق وضعية تسيب خطيرة، ولم يعقد فيها اجتماع واحد لهيئة التأطير والتدريس لا عند الافتتاح ولا في وسط السنة الدراسية ولا عند اختتامها منذ سنتين، ولم يتم خلال السنتين تعيين مجلس تأديب بالإعدادية، وطبقا لنفس القانون يتم خارج دائرة الشفافية اتخاذ الإجراءات التي كان من اللازم أن تتخذ طبقا لمعايير واضحة وبحضور جميع المعنيين كتسمية منسقي المواد على سبيل المثال. وفي إعدادية توجنين 2 لم يفتح سجل ولا دفتر لتسجيل غياب التلاميذ خلال السنة الدراسية 2012-2013 ...........
هذه بعض مواصفات الظروف التي تم فيها اختتام هذا العام الدراسي في إعدادية توجنين 2، قد يكون لضعف ميزانية المؤسسة جزء من المسؤولية عن هذا الوضع الخطير، فميزانية إعدادية اباه حسب مديرها الحالي "لم يصل إلى المؤسسة منها إلا أربعون ألف أوقية"، ومسؤولية الآباء جلية، فهم من يجب أن يحتج قبل غيرهم ضد هذا الوضع ويعمل على تغييره، لكن المسؤولية الأولى تقع على عاتق الدولة وغيابها يستحق كل التنديد.
فهل يا ترى والحالة هذه ستتدخل وزارة الدولة للتهذيب كيلا يفتتح العام الدراسي المقبل في نفس الظروف أم أن الوضع سيبقى على ما هو عليه ليزداد سوء على سوء؟
سيدى إ. بديده، 13/6/2013