حين يأخذ منك الإحباط ما ترك الكسل لتسير معه في رحلة المصير المحتوم بعدما أضناك التردد على أسواق لم تعرف الرواج يوما في بلاد الركود المستمر، وأنت من أرهقتك رفقة القلم والورق لسنوات طويلة لتحصل في النهاية على أعلى مؤهل جامعي تمنحه بلادك ذات الجامعة اليتيمة وفي اختصاص أكثر ما يميزه عالميا كثرة الطلب ومع ذلك لا تزال على هيئتك
القديمة لا أحد يسأل عنك.. تطلب العمل دون الحصول منه على وعد بلقاء مفقود.. أحوالك تسير نحو الأسوء ولا تستطيع فعل شيء.. لم تعجبك تصرفات المسئولين عن شأنك ولم تقنعك تفسيراتهم.. هذا شأنك وما ذاك مسبقا إلا لعلة في نفسك وثقل في فهمك فحاول أن تفهم...!
بعدما تعرف أن الوضع لا يخصك لوحدك وأن هناك الآلاف من أمثالك ممن هم في عمر الإنتاج وقادرون عليه ومع ذلك فهم ممنوعون من دخول عوامل الإنتاج في بلد تعددت عوامل الإنتاج فيه وضاقت الطبقة المستفيدة من ريعها، بعد إحساسك بتلك الآلام لمن حلموا بأن يكونوا رجالا منتجين فتحققوا من كونهم مجرد أسماء في وطن العاطلين المتسع فعليك أن تشعر بالرضى بواقعك المفروض وإلا فما ذاك إلا لعجز في قدرتك على التكيف والاندماج فحاول أن تفهم...!
عندما تشاهد بعض أقرانك ممن هم أقل منك في المستوى وهم يمتطون أفخر السيارات وأجملها وأقدامك بالكاد تقلك وحين تجد في الإدارات الحكومية من بالكاد يتهجون جملة فلا تترك الحسد يتملكك واعلم بأنهم يملكون شهادات عالية في اختصاص الواسطة والمحسوبية وهو ما ينقصك فلا تتهم أحدا بالفساد لأنك باختصار لم تفهم قواعد اللعبة بعد فحاول أن تفهم...!
حينما يقف رئيس بلدك الذي لا يملك شهادة الثانوية العامة ولم يدخل الجامعة قط لٍيخبرك أن تفشي ظاهرة البطالة سببه الرئيسي ضعف المستويات وتخلف المناهج التعليمية فتلك بالتأكيد أعلى مراتب الفلسفة المتغطرسة التي تدار بها بلادك والتي يتم من خلالها تقييم من يوصف بضعف المستوى ممن لا مستوى لهم وحين يخطط أولئك لسياسات بلدك فمن الطبيعي أن يكون وضعك هناك لأنك لم تفهم ولكن عليك أن تفهم فحاول أن تفهم...!
عندما تشاهد خيرات بلدك تستنزف من قبل الشركات الأجنبية على أن يدفع ابناء شعبك الفاتورة المكلفة لعائدات المبيدات السامة والإشعاعات الخطيرة من الأمراض السرطانية التي لا تنتهي مقابل الرشاوى الهائلة التي تعود لأقلية قليلة من المسئولين الجهلة ممن يقتلون شعبهم، حين تشاهد ذلك وتسير مطالبا بحقك في الحياة أو البقاء يكون مصيرك الضرب والقتل وتلفيق شهادة الوفاة كل هذا لأنك لم تفهم فحاول أن تفهم...!
حين تبقى فيروسات السياسة في بلادنا تعيش على دماء الشعب محاولة الكذب على عقولنا بدعوى الإصلاح والأمن عليك أن ترد ولو بالقوة لقد حان الوقت فعلى الطبقة الحاكمة أن تخرج من الباب ما دام مفتوحا وقبل أن تغلق منافذ الخروج لأنها باختصار عجزت عن توفير العمل والحياة الكريمة لعامة الناس وذاك دورها الذي فشلت فيه ويجب أن تترك مكانها لمن يستطيع توزيع خيرات هذا الشعب بعدالة بين مختلف طوائفه فعليهم أن يحاولوا الفهم...!
عندما تكون البدائل أمامك محدودة كما تروج الأغلبية الحاكمة من أجل إطالة أمد بقائها في السلطة فعليك أن تسعى لتغيير الواقع الأسوء ولا تبالي بإمكانية نضج المعارضة من غيره فمجرد تغيير الطبقة الحاكمة التي أهلكت الحرث والنسل ونخرت بفسادها جسم الإدارة الوطنية هو مطلب يفرضه الواقع ومن غير المنطقي أن نعدمٍ في ثلاثة ملايين شخص من يستطيعون قيادة البلد لبر الأمان، فعلى الجميع أن يفهم...!
قد تكون وسيلة الشرح الآن في زيها المبسط جرة قلم خفيفة لكنها إن استمر الوضع على حاله وترك شباب هذا البلد عرضة لنار البطالة وغياب العدالة الاجتماعية فقد يتخذ القلم شكلا جديد بحبر متطرف قابل للاشتعال وبشكل رشيق قادر على الشرح والإيصال أكثر، حينها بالتأكيد سيفهم الجميع الحجم الحقيقي للكارثة التي حلت بنا...