ماء العينين ولد بادي ... كما عرفته / محمد محفوظ المختار

altماء العينين ولد أحمد ولد بادي، المحامي الموريتاني المعروف، المنسق العام لرابطة عرب أزواد، رجل موريتاني الجنسية والمولد والنشأة. عاش في نواكشوط ردحا من الزمن، تلقى فيه دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية، أكمل دراساته العليا في الحقوق بتونس ليعود منها متدربا في مهنة المحاماة بمكتب المحامي المشهور

 بالل أحمدو تيجاني بنواكشوط، وذلك بعد أن أقسم اليمين القانونية... أتيحت له فرصة الاستقلالية وفتح مكتبه الخاص فانتهزها بكل جدية ومثابرة... أثناء دراسته كان شغوفا بالإطلاع على أخبار أهله وأحبته من عرب الشمال المالي... كان يتابع الآلام التي يتعرضون لها والظلم الممارس عليهم بكل تأثر واهتمام... وحين رأى في نفسه القدرة على المساهمة في حل هذا المشكل العويص، دفع بنفسه إلى معترك العمل السياسي، عاملا على تحريرهم من قيود الظلم وإخراجهم إلى فسيح العدل والسلام، سعى جهده ليكون ذلك بالطرق السلمية وعبر مفاوضات طويلة وشاقة، استمر يقودها لما يزيد على خمس وعشرين عاما، حتى وفاه الأجل المحتوم صبيحة الاثنين 17/06/2013 بالعاصمة البركنابية واغادوغو، وهو في طليعة الوفد المفاوض من أجل قضية آمن بها وضحى من أجلها بكل ما يملك، بل إنه دفع حياته ثمنا لها... و الجود بالنفس أقصى غاية الجود.

لن أتحدث عن حياته المهنية والتي دافع من خلالها عن عدد كبير من المستضعفين، فهناك شهادات حية وردت على ألسنة بعض زملاءه من المحامين تستحق أن تنشر بأسماء أصحابها..  لكن هذا موجز عن بعض جوانب حياة الراحل.. استقيتها من جهات متعددة. في هذه العجالة سأتحدث عنه كما عرفته، عرفته أبا عطوفا مع أولاده ورجل لطيف مع بقية أفراد أسرته، بشوشا ممازحا مرحا مع زواره، كريما خلوقا مع الكل،  يحب الجميع بدون تكلف. حين يجمعك مجلس وإياه، يسألك عن الجميع بدون استثناء، كبير هرم، شاب يدرس، صغير يتهادي، مريض عاجز،  يهتم بالضعفاء ويوليهم عظيم اهتمامه وجل وقته، بل كان لفقراء أعرف بعضهم حظ وافر من عطاءاته السخية. كان منزله بيتا لطلبة العلم من داخل البلاد وخارجها، أذكر مرة أني زرت المنزل، ولم أجد بداخله إلا أحد الإخوة الزنوج عرف فيما بعد أن إسمه محمود،  وأنه طالب علم قادم من مالي، أسكنه الفقيد منزله وخصص له غرفة داخله، وظلت هذه الغرفة مخصصة لطلبة العلم الغرباء، كل ما غادرها طالب حل مكانه آخر. كان رحمه الله رجل يزرع بذور الود أينما حل. مع اهتمامه بقضايا شعبه وأمته لم ينسى أخواله في قرية الخزباري التابعة لمقاطعة أبي تلميت بولاية اترارزة، لذلك بنى مسكنا بينهم  يأوي إليه كلما أتيحت له فرصة ليؤدي واجبه في صلة رحمه... له في نفسي عظيم احترام وكامل مودة، دفعاني دفعا إلى كتابة هذه الشهادة المختصرة... كان رحمه الله رجلا طيبا يستحق الذكر الحسن، الشيء الذي دفع الشاعر محمد عبد الله بن محمد مولود إلى كتابة شهادته عبر بيتين شعريين جاءا على النحو التالي: نعي النعي فوا حزني و وا  أسفي

 

ما العيون فدمع العين غير خفي

رحما لمن كان كهفا آمنا أبدا

ومن حوى للإبا والمجد والشرف

ختاما لا يسعني إلا أن أجدد التعزية لسكان قرية الخزباري، وباسمهم إلى إبنتهم الفاضلة والدتنا جميعا ووالدة الفقيد، عيشة بنت أحمدو بن عبد الجليل، وإلى إخوته محمد سالم ولد بادي، ووكيل الجمهورية السابق سيد محمد بن شينه،وولديه العزيزين سيد محمد وشمس الدين والدتهما الفاضلة لالة منت سيد محمد، ومن خلال هؤلاء إلى بقية أفراد الأسرة كل باسمه وصفته... راجيا من الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ورضوانه، وأن يبارك في خلفه وذريته، وأن يلهم الجميع الصبر والسلون،  وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

[email protected]

 

20. يونيو 2013 - 15:04

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا