كثيرا ما كنت أتحاشى الكتابات السياسية لا شيء يمنعني سوى عدم نضج التجربة السياسية الموريتانية وفقدانها لنكهة مداد القلم، حين يتدفق للربط بين كلمات موضوع شيق.
إلا أن ضبابية المشهد السياسي وقلة المبادرات التي تسعى شكلا ومضمونا لإخراج الوطن من الوضع المتأزم الذي ألم به عبر مراحل تاريخه السياسي الحديث، وهذه اللحظة بالذات تستدعي منا جميعا أن نحشد الهمم ونقف وقفة إجلال وإكبار لمبادرة الرئيس مسعود ولد بلخير، ونطلق العنان لخيالنا ونمسك القلم جيدا ونوثق هذا الدعم الجماهيري الواسع الذي استقطبته هذه المبادرة بفعل طرحها الهادف والجاد إلى إصلاح ذات البين، وتلمس اتجاه صحيح يمكن أن تسلكه سفينة هذا الوطن إلى أن تصل بر الأمان، فموريتانيا قطعت خطوات جبارة في مسارها الديمقراطي، فاتفاق داكار والانتخابات التي أجريت بعده مكسبان ديمقراطيان جاءا ثمرة نضال طويل شاركت فيه كل الفعاليات السياسية الموريتاني بكل أطيافها ومنطلقاتها الإيديولوجية ومميزاتها العرقية برهنت حينها الطبقة السياسية أن الوطن فوق كل اعتبار، وأن مصلحته هي هم للجميع، إلى أن انقشع غبار المعركة الانتخابية وتحدد معالم الخريطة السياسية من جديد وبدأت غمامة المصالح الذاتية وحب التملك والتمتع بإقصاء الآخرين تمطر من جديد وحرك نسيمها المعكر صفاء الساحة السياسية مفرزا وضعا آخر أكثر تأزما وضبابية وقتامة من المراحل السابقة، معارضة تطالب برحيل النظام وهو ما اعتبره البعض حلا يائسا بعيد المنال ولا يعبر عن حقيقة المطالبين به، ونظاما فاسدا رفع شعارات جوفاء تخفي في طياتها الكثير من الفساد والمفسدين حسب ما يراه البعض، كلا الطرفين لا أرى غضاضة في تجريدها من صفة الموضوعية، حيث تنبعث منها رائحة التخندق والتخفي وراء ستار المصالح الذاتية والتعنت لآراء سياسية لا تخدم الوطن بشيء.
إذن هناك بصيص أمل و نور في آخر النفق بدأ يلوح في الأفق إيذانا بمرحلة أخرى أكثر انسجاما ووضوحا وثباتا على الوطنية، فمهرجان التوافق الوطني تحت شعار موريتانيا أولا، ما هو إلا تعبير جزئي عن ما يريده جميع الموريتانيين من فصالة إلى كرمسين ومن انجاكو إلى بئر امكرين، فالجميع عبر عن استيائه من هذا الانسداد السياسي وتطلعه إلى استقرار سياسي يؤسس لدولة القانون والعدل والمساواة ووطن يتسع للجميع، ينعم كل فرد فيه بكافة حقوقه، فموريتانيا تتسع لجميع أبنائها وحنانه عبق تشم رائحته حينما وليت وجهك بين رمالها الذهبية وسهولها الغناء وهضابها الشامخة تدرك ذلك كما أنها وعاء واسع قادر على لم شمل الجميع ونهر لا ينضب يشربه كل مواطن مخلص وجاد.
فمبادرة الرئيس مسعود ولد بلخير صمام أمان وسترة نجاة لوطننا الحبيب فادرك أيها النظام وعي أيتها المعارضة أن الفرص لا تتكرر وأن التاريخ لا يعود إلى الوراء ووضع البلد يستعدي منا جميعا أن نوحد الجهود وندرك حجم التحدي، فالوطن وطنكم فاستجيبوا لندائه:
بـــــــــــــــــــــــــــــلادي وإن جــــــــــــــــــــــــــــــــــــــارة علي عـــــزيزة وأهلي وإن ضنوا علي كرام فموريتانيا علماء وأئمة ومشاييخ ورجالا ونساء وشباب وشيوخا صدحت حناجرها بأعلا صوت تردد عبارة موريتانيا أولا، فالكرة الآن في ملعب النظام والمعارضة على خط تماس واحد والشعب يريد تجديد العهود.
جدو ولد السيد
كاتب صحفي وناشط سياسي