لم تقتصر معركة طوفان الأقصى على توجيه ضربات موجعة لجيش العدو الصهيوني، كان من نتائجها سقوط عدد غير مسبوق من القتلى والجرحى وأسر عدد كبير من جنود العدو خلال ساعات معدودة من صبيحة يوم سبت عظيم صادف السابع من أكتوبر من العام 2023، لم تقتصر معركة طوفان الأقصى على ذلك، بل إنها بالإضافة إلى ذلك أصابت جيشا من شعارات الغرب الجوفاء في مقتل، وأحدثت مجزرة كبيرة في صفوف تلك الشعارات الزائفة التي كان يتغنى بها الغرب خلال العقود الماضية.
نعم هناك شعارات عديدة أصيبت في مقتل، خلال الأسابيع الثلاثة الماضية من معركة طوفان الأقصى، وكان على رأسها "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" و "القانون الدولي " و"العالم الحر" و"العالم المتحضر" و"حرية الإعلام " و "الضمير العالمي" إلى غير ذلك من سلسلة طويلة من الشعارات الجوفاء، والتي ظلت مصداقيتها تتآكل عاما بعد عام خلال العقود الماضية إلى أن تلقت الضربة القاضية خلال معركة طوفان الأقصى.
تُدَمرُ المدن، ويُقتل الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ، وتُقصف المساجد والمستشفيات والمدارس والمخابز، ويُمنع الطعام عن الجوعى والماء عن العطشى والدواء عن المرضى والجرحى، والوقود عن سيارات الإسعاف، ويُقطع الاتصال بشكل كامل حتى لا يُسمع نداء استغاثة، ويَستنتجُ "العالم المتحضر" من كل هذه المجازر الوحشية أن حماس منظمة إرهابية، وأن العدو الصهيوني له الحق ـ كل الحق ـ في قتل المزيد من الأطفال والشيوخ والنساء "دفاعا عن نفسه".
لقد انكشف زيف الشعارات التي يرفعها الغرب منذ مدة طويلة، ولكن مع ذلك ظل الغرب قادرا على أن يتغنى بتلك الشعارات، وكان يجد دائما في عالمنا العربي والإسلامي من يطربه ذلك الغناء، ولكن مع معركة طوفان الأقصى فإن الأمور ستتغير، ولا أظن أن ساذجا مهما بلغت سذاجته، أو طيبا مهما بلغت طيبته، سيصدق بعد معركة طوفان الأقصى تلك الشعارات الجوفاء، أو سيَطربُ لسماعها حتى وإن أُعيدَ تلحينُها من جديد كما كان يَحدثُ في الماضي.
لقد أكدت لنا معركة طوفان الأقصى أن الإنسان الذي يُغَني الغربُ بحقوقه هو الإنسان الغربي المسيحي أو اليهودي أو الملحد، أما الإنسان المسلم فلا حقوق له، ويستباح قتله في كل حين، وسيجد من يقتله تعاطفا كبيرا من قادة "العالم المتحضر".
لم تكشف معركة طوفان الأقصى الغطاء عن زيف تلك الشعارات الغربية فقط، بل إنها كشفت الغطاء أيضا عن زيف شعارات أخرى كان يرفعها العدو متباهيا، وكانت تصدقها الغالبية منا، ومن تلك الشعارات أن جيشَ العدو لا يقهر، وأن مخابراتِه لا تُخترقُ، وأن جدارَهُ العازلَ لا يُمكن أن تُفتح فيه ثَغرة.
لقد أظهرت معركة طوفان الأقصى المباركة أن مخابراتِ العدو يمكن أن تَخترقَها المقاومةُ، بل وتُحَيدَها، وأن جيشَ العَدو يُمكن أن تُكبِدَهُ المقاومةُ ـ لا الجيوش العربية ـ خسائرَ فادحةً خلال ساعاتٍ قليلة، وأن الجدارَ العازلَ يُمكنُ أن تُجرَف أجزاءٌ منه بالجَرافات، وفي وضح النهار.
خلاصة القول هي أن معركة طوفان الأقصى أَحدثت مجزرةً كبيرةً في شعاراتِ الغرب التي ظل يَخدعُنا بها لعقود طويلة، وأحدثت كذلك مجزرة أُخرى في شعاراتِ العَدو التي ظل يُخيفُنا بها لعقود طويلة، ونحن بعد السابعِ من أكتوبر من العام 2023 لن نكون كما كُنا من قَبله، فمن اليوم لن يكون بإمكان الغَرب أن يَخدعَنا بشعاراتِه الزائفة، ولن يَكون بإمكانِ العَدو الصُهيوني أن يُخيفَنا بجيشِه الذي لا يُهزَم، ولا بمخابراتِه التي لا تُخترق.
حفظ الله فلسطين..
محمد الأمين الفاضل
[email protected]