يمكن إعتبار ما يحدث في مصر اليوم نتاجا طبيعيا و جزءا يسيرا من الحصاد المر لربيع الفتن العربية الذي أزهر في تل آبيب أمنا و سلاما و مزقت أشواكه الجسد العربي طائفية و تكفيرا فقذفت إحدى عواصفه برجل مسالم إسمه محمد مرسي
لرئاسة مصر مكرها كمرشح إخواني بديل لخيرت الشاطر الذي رفض القضاء المصري ترشحه فإنتخبه المصريون مكرهين كرئيس بديل للوجه الآخر لنظام المخلوع أحمد شفيق.
بسرعة وصوله للسلطة تسارعت أخطاءه فطفق يخلق الأعداء في كل إتجاه بدءا بالقضاء مرورا بالإعلام و إنتهاءا بالعسكر بيد أن أكبر سقاطته كانت تغليب صوت التطرف الديني و التكفير على حساب تغييب الأزهر و إعتداله ما أعطى المتربصين به و بحركته حديثة العهد بالسلطة دفعا جديدا و حلفاء لم يكونوا يتصورون يوما أنهم سيكونون في خندق واحد معهم. خارجيا وجه الرئيس البديل بوصلة مصر في الإتجاه الخطأ فأخرجها من حاضنتها الحقيقية و حاد بها عن القطب العالمي الجديد الآخذ في التشكل دافعا بها إلى محور الشر الصهيوني الذي كان وجودها به أهم أسباب الثورة على المخلوع فتقزم دور مصر و أصبحت صفرا على الشمال في معادلات الحل الإقليمي لمشاكل المنطقة متورطة في إصطفاف طائفي غُلٌبت فيه مصلحة الجماعة على مصير الوطن.
يجد الرئيس البديل نفسه بعد عام في الحكم محاصرا في ميادين و ساحات كل المدن المصرية بملايين تهتف بسقوطه و بأضعاف مضاعفة لتلك التي طالبت مبارك بالرحيل مجبرا على التنحي فاتحا بذلك ألف إحتمال لمستقبل مصر على أمل إستبعاد الحل المروج له من طرف سماسرة الدم و تجار الفتن فالمصريون أكثر وعيا من الوقوع في الفخ و لهم في الجزائر عبرة.
لقد أخطأ الإخوان حين ظنوا شرعية الإنتخاب صكا على بياض و أخطأ الطرف الآخر حين إستعجل حصاد سنوات في سنة و سيدفع الشعب المصري ثمن أخطاءهم من حريته و وحدته مؤكدين مرة أخرى عجز النخب المدنية في العالم العربي عن الحفاظ على المكاسب الديمقراطية فهي من يخلق الإنقلاب تمهيدا و تشريعا و الجيش من ينفذ فقط كأن حاياتنا السياسية لا تتوازن إلا بأحذية العسكر!!