تابعت خطاب الرئيس مرسي، وخرجت بجملة من الملاحظات السريعة، ولكن قبل تقديم تلك الملاحظات، دعونا نطرح السؤال التالي: ما الذي كان بإمكان الرئيس مرسي أن يقوله في خطابه الذي ألقاه بساعات معدودة قبل انتهاء مهلة الجيش المصري؟
في اعتقادي أن مرسي كان أمام خيارين اثنين، لا ثالث لهما:
الخيار الأول: أن يعلن عن استسلامه، وعن استقالته، وبطبيعة الحال فإن هذا الخيار لن يُخرج مصر من أزمتها بل قد يدخلها في دوامة من عدم الاستقرار، لا أحد يمكن أن يتكهن بنهايتها.
الخيار الثاني: أن يرفض الاستسلام، كما فعل، وأن يواجه الجيش والمعارضين بخطاب قوي كما فعل، وهذا أيضا يُمكن أن يدخل مصر في دوامة من العنف، ولكنه أيضا يمكن أن يكون مخرجا من الأزمة خاصة أن الرئيس مرسي أعلن عن استعداده لنقاش أي مبادرة، وأي مقترحات مادامت تحترم الشرعية.
إن من جملة الملاحظات السريعة التي خرجت بها من هذا الخطاب:
1 ـ الخطاب كان قويا وواضحا، وأرسل الكثير من الرسائل الواضحة، خاصة منها تلك الموجهة للجيش المصري. وكانت رسالة الرئيس مرسي للجيش : هذه يدي ممدودة للجيش، ولكن لن أقبل بعد اليوم أن يتجاوز الجيش صلاحيتي، إلا إذا جاء ذلك بعد انقلاب.
2 ـ اعتمد الخطاب على أسلوب المخاطرة، أي إما أن أربح كل شيء، أو أخسر كل شيء. إما أكون رئيسا بكامل الصلاحيات، أو أن أخرج من الرئاسة قهرا، بانقلاب، أو بالموت، أو بأي شيء آخر.
3 ـ من سلبيات الخطاب أنه كان مليئا بالتكرار، وأنه لم يُختم بواحدة من تلك الجمل القوية التي أوردها الرئيس مرسي في خطابه، والتي كان يمكن لها أن تشكل خاتمة قوية للخطاب.
إن الرئيس مرسي حتى و إن كان في موقف ضعف، نظرا لموقف الجيش المعادي له، ونظرا لموقف الإعلام المصري الذي يقف ضده، ونظرا للأخطاء التي ارتكبها في عامه الأول، إلا أنه رغم ذلك ليس أكثر ضعفا من معارضيه.
فإذا كان بإمكان المعارضة أن تحشد الملايين، فإن أيضا بإمكان الرئيس مرسي أن يحشد الملايين من الأنصار.
وإذا كان بإمكان المعارضة أن تدعي بأنها تضم في صفوفها الكثير من الشباب الثوار، فإن بإمكان الرئيس مرسي أن يدعي أيضا بأن الكثير من الثوار في صفه، وأنه يمتاز عن خصمه بأن الفلول، كل الفلول ليسوا في صفه.
وإذا كان بإمكان المعارضة أن ترفع شعار الرحيل، فإن بإمكان الرئيس مرسي وأنصاره، أن يرفعوا راية الشرعية، تلك الراية التي رفعها الرئيس مرسي في خطابه، وذلك من خلال تكراره الكثير لكلمة الشرعية في خطابه.
حفظ الله مصر..
وحفظ الله موريتانيا..