الدرس المصري / الحاج ولد المصطفي

مصر "أم الدنيا" وقائدة العرب، مهد الحضارة، أرض الكنانة، خسر العرب تحت قيادة جيشها العظيم أرض فلسطين ومني بهزائم لا تزال مخلفاتها تلاحقه وقد قاد هذا الجيش الأمة بالشعارات القومية والدكتاتورية العسكرية العنيفة ومارس في حق شعوبها التجهيل والإقصاء ودعم كيانات واهية

 ومستكينة للعدو وشرع قيام الكيان الصهيوني وبشر الشعوب العربية بالتطبيع مع العدو وبرز قادته العسكريون بشجاعة أذهلت العالم في عقر دار إسرائيل. فما الذي تتوقعه ثورة الخامس والعشرين من يناير من جيشها الخالد وقادته الأبطال؟ وما الذي سيستفيده العرب من الدرس المصري؟

قامت ثورة البوعزيزي في تونس ضد القهر والظلم والإستبداد ،فأحرجت النظام العسكري المهيب في مصر ليطلق العنان للشعب المصري المضطهد والمقموع فقامت ثورة 25 من يناير يقودها الإخوان المسلمون (وهم الفصيل الثوري الأكثر تنظيما والأبرز معارضة علي مدي عقود ).

أشرف الجيش علي إخراج سيناريو ثورة مصر عبر محطات عسيرة الولادة طبعها التردد والتخبط تارة والتواري خلف الحشود والتآمر تارة أخري وظل الجيش خلال ذلك متماسكا ومحافظا علي صفوفه الأمامية مضحيا بعناصر قليلة عند الحاجة لإمتصاص الغضب دون السماح بإلحاق الأذي بهم (القائد الأعلي ونائبه ووزير الدفاع وقائد الأركان....وآخرين).

الجيش الذكي يخشي انهيارا شاملا لمنظومته القمعية ومصالحه الإستيراتيجية التي بنتها تراكمات من الفزع والخوف وحب الدنيا وتملق الأنظمة وجمع الأموال وحراسة الفساد وممارسته في أقبية السلطة ودهاليز السياسة المكيافيلية الراسخة في عقيدة جيش مصر العظيم .

أبطال حروب العرب مع إسرائيل وقادة مواقع الهزائم المتتالية ،يهددون الشعب المصري وثورته الوليدة بإعادة إنتاج نظامهم التليد علي أنقاض تشتت الثوار وتخندقهم في مواقع متصارعة لأسباب إديولوجينة دفينة لم يتح لها الظهور قبل اليوم وبعد أن انكشفت أقنعة اللبراليين والقوميين وكل الحاقدين علي الإسلام كشريعة ونظام حكم .

تدخل الجيش المصري للإطاحة بأول نظام مدني منتخب ديمقراطيا في أكبر دولة عربية لأن هذا النظام ينتمي لمشروع إسلامي أصيل في وجدان وعقيدة الأمة هو أمر يذكرنا بأسباب الهزائم المتواصلة لمئات الملايين من الجنود أمام العشرات من الإسرائيليين اليهود .

وتعود بنا الذاكرة إلي واقع استعماري متجذر في مؤسسات الحكم العربية ألا وهو أسس البناء الإستخباراتي والعقيدة العسكرية المبنية علي قيم غربية استئصالية مناقضة لقيم الأمة ومشروعها الحضاري.

إن محاصرة نظام الحكم الإسلامي في المنطقة كلها أمر أملته إرادة الاستعمار الغربي وتنفذه جيوش العالم العربي من المحيط إلي الخليج.

وما يجب أن تفهمه الشعوب العربية أن بنية جيوشها وقيمها ومرتكزاتها الفكرية غير متوافقة مع مشروعها المجتمعي والقيمي وأن ذلك التناقض سيظل عقبة كأداء أمام قيام أية ديمقراطية حقيقة في المنطقة.

لقد شاهدنا الدرس في الجزائر بعد نجاح الإسلاميين في انتخابات نزيهة وشفافة وعبرت الشعوب في كل المناسبات الديمقراطية الواضحة والناصعة كانتخابات تونس والمغرب وليبيا ومصر عن رغبة جامحة في تجسيد إرادة الأمة في ممارسة سياسية مستندة إلي مرجعية عقيدتها وشريعتها .

إن هذا الدرس الذي يتجلي اليوم في أوضح معانيه بعد الربيع العربي وثوراته التي تكالبت عليها وبسرعة فائقة قوي الشر الغربي الخارجية وعصابات العمالة والجهالة الداخلية. إن هذا الدرس أصبح مستوعبا لدرجة يصعب معها أن تبقي الشعوب مكتوفة الأيدي اتجاه مؤسسات عسكرية تدعي الوطنية والقومية والإنتماء للأمة وهي تمارس أجندة تخريبية وتقيم حاجزا مانعا أمام تحقق إرادة الشعوب العربية من خلال صناديق الانتخاب وليس فوهات المدافع .

 

4. يوليو 2013 - 15:46

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا