جمعتني المواقف السياسية في مرة من المرات مع جماعة جناح الإخوان المسلمين في موريتانيا عندما كنا جميعا ندعم المرشح صالح ولد حننا في رئاسيات 2007 حيث كنت مسؤول حملة المرشح على مستوى إحدى مقاطعات الداخل الموريتاني ، وكان تواجد الجماعة في هذه المقاطعة معتبرا ،
وكان معولا عليهم في جلب العدد الكبير من الأصوات نتيجة اندفاعهم وحضورهم المتميز ،وفور وصولي اجتمعت بهم وسلمتهم مخططات العمل والتوصيات والتكاليف التي رصدتها إدارة الحملة ... وسارت الحملة الانتخابية وعقدت معهم العديد من اللقاءات ، وأسندت لهم تدبير شؤون الحملة بالصورة التي يرونها خاصة في منطقة المركز التي يشكلون فيها الأغلبية ... ومع تقدم الوقت ، وخلال الزيارات والاتصالات التي أقوم بها معهم ، أخذت أشعر بشيء من الغربة و الوحدة في العمل وعدم فهم لما يدور بينهم ، واتضح ذالك كثيرا أثناء زيارة الرئيس للمقاطعة في حملته إذ أنني وجدت نفسي خارج إطارهم وتتم التهيئة بتنسيق محكم وبضبط تام ـ أعجبني فعلا ـ ولكن لم أفهم لماذا لم يكونوا درسوا معي مسألة التحضيرات وتهيئة الوضع السياسي ، ونتيجة لحرصي على فهم الجو العام ورغبتي الكاملة في أن أبقى بكامل مسؤوليتي خوفا من حصول شرخ في أنصار مرشحنا قد يؤدي إلى إضعاف الروح المعنوية للمناصرين ، أخذت أتحرى بدقة وسرية،واكتشفت بعد وقت وجيز أن الجماعة لهم مديرهم الخاص ، ولهم برنامجهم المتفق عليه ، وأني أنا لست إلا أحد الناس الذين لا يجوز أن يطلع على سيرعملهم بل أكثر الناس خطرا على الإطلاع عليه ....!!! انتابتني حالة من الغضب كتمتها فورا وشعرت ببعض الارتباك وقلت في نفسي انقلاب ؟؟!! غير أن رغبتي في الحفاظ على تماسك الكل وسرية ما يدور عن الانصار المحتملين للرئيس ، جعلتني أتصل بهم وأناقش معهم المسألة ، ولما قدمت لهم الاحتجاج والإقصاء الذي اعتمدوه ضدي كان اعتذارهم منسقا ومتفقا عليه وهو من قبيل أنهم "أهل مكة وأدرى بشعابها "....! وواصلت الحملة في جو أمقته وأكرهه إلى حد أني كدت أنفجر ضدهم ، ولكن تحملي للمسؤولية ، ورغبتي في الوفاء لمرشحي منعني من أن أثور ، أو أعتصم في "ميدان ...."
وانطلاقا من هذا اللقاء الذي جمعني بالجماعة خرجت من عندهم بمجموعة من الملاحظات أوجزها في ما يلي :
- النزعة الإقصائية وغياب روح السماحة
- أنهم لا يقبلون الآخر مهما كان دوره إيجابيا
- أنّ من ليس منهم تجب تصفيته وبكل السبل الممكنة
- إذا كنت خارج تنظيمهم فأنت عدوبكل المقاييس
- الانتفاعية والرغبة في الاستفادة على حساب من ليس من الجماعة
- الاندفاعية في العمل إلى درجة إشعارك أنك أنت لا تعرف شيئا
- سد كل المسالك دون الاطلاع على حيثات عملهم
وهكذا كانت تجربتي مع هؤلاء في موريتانيا ... ولعلي بها أنصف الجيش والمعارضة في مصر على ما حصل ، لأن الضغط يولد الإنفجار، وعدم قبول الآخر مهلكة وسوء في الخلق ينافي سماحة ومبادئ الإسلام .