نحن والبيان رقم 1 في مصر / سيدي ولد امجاد

altليس ما حدث في مصر بالأمس مكسبا حقيقيا للديموقراطية ولا يمكن ان يكون ، فانقلاب الجيش على رئيس منتخب في وضح النهار مهما كانت ضغوط المعارضة عليه ، هو تكريس أعمى للدخول في دهاليز المجهول بعد تعطيل الدستور واعتقال الرئيس محمد مرسي

 وقيادات بارزة من الاخوان وتنصيب رئيس انتقالي جديد لا يحمل من سمات الشرعية ودولة القانون سوى انه رئيس المحكمة الدستورية التي كان عليها ان تحمي الدستور لا ان تنقلب عليه

الان اختلت قواعد اللعبة السياسية في مصر وعرفنا ان الانتخابات وما تفرزه إرادة الشعب عبر صناديق الاقتراع ، ليس الا ملهاة لمأساة تقررها في نهاية المطاف عقول خشنة لا تدرك حجم الأضرار الكبيرة التي تسببها في مصادرة شرعية حقيقية بعض النظر عن أخطائها او نواقصها واستبدالها بلا شرعية جديدة قد تدخل ام الدنيا في نفق مظلم لا قدر الله

ان المسرحية السيئة التي جرى إخراجها بالأمس بتمالؤ فج من قوى وطنية ليبرالية في مصر وأخرى خارج مصر ، ليس ظلما للإخوان المسلمين كفصيل سياسي هام فقط ، ولكنه أيضاً ظلم للشعب المصري الذي منح في غالبيته ثقته عبر اقتراع حر وشفاف في مرشح الاخوان الذي فاز بالرئاسة الدكتور محمد مرسي وستكون الايام المقبلة للأسف حبلى بالمخاطر والتحديات

صحيح ان الرجل مرسي واجهته مطبات كبيرة وصعوبات جمة من بينها أزمة الثقة مع قوى سياسية فاعلة في الداخل ودول عربية مهمة في الخليج والمنطقة ، فلم ترس سفينته تماماً على خارطة طريق واضحة المعالم ، لكن مصر دولة ذات سيادة واهم من الجميع ، وكان على الجميع الذي هلل واستبشر بسقوط مبارك بعد ثلاث وعشرين عاما من الاستبداد، ان يصبر عاما واحدا على حكم محمد مرسي اول رئيس مدني منتخب خصوصا وانه كان على استعداد في الاخير لتقبل مبادرة سياسية من بينها حكومة ائتلافية رغم ان شرعيته الانتخابية قد لا تفرض عليه مثل هذا الإجراء بتشكيل حكومة وحدة وطنية التي طرحتها " مبادرة مسعود" في القاهرة !!

اتمنى على حكومة بلادي موريتانيا ان لا تبارك هذا الانقلاب العسكري في مصر ، فنحن جميعا ننتظر بيانها الان ، فتجريم الانقلابات في الداخل يعني انها محرمة أيضاً في الخارج ، خاصة ان هذا الاخير كثيرا ما يكون بؤرة لاحتضان إرهاصاتها الاولى وإيواء فرسانها او مجرميها بلغة الدستور الجديد !

واذا كان لابد من إبداء موقف موريتاني في هذه النازلة المصرية الصعبة ، فليكن كما قال شيخ الازهر في مباركته للانقلاب ب" ارتكاب اخف الضرر ين " اي عدم الانحياز لأي طرف دون الاخر ، وذلك امر سهل في القاموس الدبلوماسي من خلال الدخول في "المنطقة الحرة" بين الطرفين ،والتأكيد مثلا بان موريتانيا تعتبر ما جرى في مصر "شانا داخليا بحتا والشعب المصري وحده هو الذي يقرر مصيره بنفسه "وفي ذلك ما يكفي لمن يهمه الامر ، لان تداعيات ما حدث في القاهرة لم تهدا بعد وسيناريو العسكر قد لا يتوج بالنجاح التام، في ظل ما قد تسفر عنه التطورات القادمة من مفاجآت وأحداث ،لان هضم انقلاب مكشوف في بلد شهد اعظم ثورة في عصر الربيع العربي ، قد لا بكون أمرا سهلا سائغا لذة للسيسي ورفاقه في السلاح ،وكذا المهللين المستبشرين في بعض دوائر العرب والغرب ، وكلنا يتذكر حادثة الانقلاب على الرئيس البرازيلي الراحل تشافيز وكيف أيدته امريكا واتباعها ، لكن الرجل سرعان ما عاد الى الحكم معززا مكرما بإرادة الجماهير رغم أنوف الانقلابيين، وحتى اذا لم يحدث ذلك فان المخاوف من مسلسل دموي على الطريقة الجزائرية بعد مصادرة فوز الإسلاميين في انتخابات الثمانينات تظل حاضرة في الأذهان الى ان تنكشف الغمة ويزول التوجس من مغامرة عسكر مصر في وأد الديموقراطية ،مثلما فعل عسكر الجزائر ذات يوم حزين فتح المجال واسعا امام الإرهاب وميلاد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي

ليس من مصلحة موريتانيا وهي من هي في تاريخها مع الانقلابات والانقلابات المضادة، بمختلف أشكالها البيضاء والحمراء والصفراء والكحلاء ، ان تعبر عن ترحيبها بانقلاب العسكر على الرئيس مرسي في مصر ، خاصة بعد ان قررنا في دستورنا ولله الحمد تجريم الانقلابات ابتداء من الان ،ولا فرق يا قوم بين الداخل والخارج فهناك من لم يكمل سوى عام واحد من مأموريته، وهنا من لم يبق سوى عام واحد من مأموريته والعبرة بالمعنى لا بعموم اللفظ

سيدي ولد امجاد

كاتب صحفي. Centre.emjad@gmail,com

4. يوليو 2013 - 19:35

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا